إستغلوا نعمة الصحة بالخير والفائدة

خميس, 11/10/2022 - 21:51

أنعم الله تعالى علينا بنعم لا تعد ولا تحصى، قال عز وجل: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)، لذلك على الإنسان أن يدرك أن عليه أن يتأمل ويتفكر في نعم الله عليه، فيتوجب أن يبدأ متأملاً نفسه، وقد ذكرنا الله بها: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون)، «الذاريات: 21»، ومن أكبر هذه النعم نعمة الصحة والعافية، وهي أن يسلم الإنسان من الأسقام والبلايا في عقله وبدنه وأهله وولده، وهي من أسباب سعادة المرء في دنياه، فمن أدركها فقد أدرك خيراً كثيراً. معنى العافية كما ذكر المناوي هي السلامة من الأسقام والبلاء، تدفع أمراض الدنيا عن القلب والبدن، والصحة نعمة لا ينتبه لها المرء غالبا إلا عند السقم، لذلك قال الحكماء، الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى.

 إن الله تعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم، وقد اعتنت الشريعة الإسلامية بصحة الإنسان، وأمرت بكل ما يحفظها، ونهت عن كل ما يفسدها، فقال تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين)، «البقرة: الآية 195»، ويذكر المولى عز وجل، بعظيم خلقه للإنسان، يقول تعالى: (خلق السماوات والأرض بالحق وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير)، «التغابن: الآية 3».

 نعمة كبرى ويرى الإسلام أن الصحة نعمة كبرى يمن الله بها على عباده، بل يعدها أعظم نعمة بعد نعمة الإيمان، كما يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «ما أُوتي أحد بعد اليقين خيرا من معافاة»، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم جعلها خيراً من الغنى قال: «لا بأس بالغنى لمن اتقى والصحة لمن اتقى خير من الغنى وطيب النفس من النعيم». 

وقال وهب بن منبه، رؤوس النعم ثلاثة، فأولها نعمة الإسلام التي لا تتم نعمة إلا بها، والثانية نعمة العافية التي لا تطيب الحياة إلا بها، والثالثة نعمة الغنى التي لا يتم العيش إلا به. 

وكثير من الناس لم يستغلوا نعمة الصحة فيما يعود عليهم بالخير والفائدة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ»، والغبن عدم معرفة القيمة، أو بيع الشيء النفيس بثمن بخس، وذلك أن الإنسان إذا كان صحيحاً كان قادراً على ما أمره الله به أن يفعله، وكان قادراً على ما نهاه الله عنه أن يتركه لأنه صحيح البدن، منشرح الصدر، مطمئن القلب، فإذا كان فارغاً صحيحاً فإنه يغبن كثيراً في هذا، لأن كثيراً من أوقاتنا تضيع بلا فائدة ونحن في صحة وعافية وفراغ. 

صحة الأبدان إن الإسلام الذي أمر بالاهتمام بالروح، لم يهمل صحة الأبدان، بل اعتنى بهما معا، وهذا من وسطية الإسلام وعدله، وأنه دين شامل وميسر وسهل وكامل، وتبدو أهمية هذه النعمة وعظمها في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أصبح معافى في جسده آمنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها»، كما أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أصبح وإذا أمسى يدعو: «اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي، وأهلي ومالي اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك من أن أغتال من تحتي»، ووجه الأمة إلى سؤال الله تعالى العافية حين قال: «سلوا الله العافية واليقين فما أعطي أحد بعد اليقين شيئاً خيراً من العافية فسلوهما الله تعالى».

 الراحة البدنية والصحة كما تقول الموسوعة العربية العالمية، هي حالة الإنسان الخالية من الأمراض، كما تعني الراحة البدنية والعقلية والاجتماعية، فالإنسان الصحيح هو الذي يشعر بالسلامة البدنية، وهو ذو نظرة واقعية للحياة، ويتعامل مع غيره من الناس بصورة جيدة، ومعنى الصحة يشمل السلامة من الأمراض وذهاب المرض بعد حلوله.

 ومن فوائد الصحة، الاستمتاع بالحياة، وتهيئة الفرص للناس للوصول إلى أهدافهم بصورة كاملة، وامتلاك العزم والقوة والقدرة على تحمل ضغوط الحياة اليومية، والقيام بالتكاليف الشرعية على أحسن وجه، والحصول على الأجور والحسنات من الله، والتي تجعل الإنسان سعيدا بالراحة النفسية، والاستمتاع بالخيرات والبركات في الحياة الدنيا، وأما في الآخرة فبدخول الجنة. 

أبحاث ونعمة صحة الأبدان، فيها وحدها من النعم ما لا تستطيع نفس بشرية أن تدركه، وكلما أوغل علم الطب في أبحاثه واكتشافاته، أدرك أن قيمة هذه النعمة فوق تصورات البشر.

 وللمحافظة على نعمة الصحة والعافية شرع الإسلام جملة من الآداب التي تدفع عن الإنسان أسباب المرض، وتديم عليه العافية، فشرع الطهارة والنظافة والاغتسال، والوضوء، والسواك والمضمضة، والاستنشاق، وإزالة النجاسة، وغير ذلك من الوسائل الوقائية، وقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحسن استثمار هذه النعمة، قال: «اغتنم خمساً قبل خمس شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك».

 وإن من حسن استثمارها أن يجعل منها عوناً له على طاعة الله تعالى، وأن يسعى بها في خدمة مجتمعه ووطنه، فخير الناس أنفعهم للناس. وكان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم:‏ «اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك

بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف