يتألم أحدنا كثيراً حينما يرى ظاهرة العنف التي انتشرت بشكل كبير في مجتمعاتنا وفي العالم بشكل عام، ويكفي المرء أن يتسمّر دقائق معدودة أمام شاشات التلفاز ليُدرك حجم العنف الذي تحتويه الأفلام والمسلسلات التي تُعرض على القنوات التلفزيونية، بل وحجم العنف في مشاهد القتل والتدمير التي تُعرض على الأخبار والتي تقع في أماكن مختلفة في العالم. تُشير الدراسات والإحصائيات الاجتماعية إلى انتشار جرائم القتل في المجتمعات بشكل متزايد، فما هو سبب العنف؟ وما هي الحلول المناسبة للحد منه؟
لا شك بأنّ العنف هو حالة سلبية وتعبير منحرف عن الشعور الإنساني؛ فالإنسان قد يغضب وهذا الشعور قد لا يخلو منه إنسان، ولكن المشكلة حينما يتحوّل هذا الغضب إلى تعبير عنيف وطابع إجرامي يؤدّي إلى إيذاء الناس أو الاستهانة بأرواحهم.
التنشئة الخاطئة للأجيال؛ فالإنسان يولد على فطرة الله تعالى التي تنبذ القتل والإيذاء للبشر، ولكن عندما تتمّ تربية الإنسان صغيراً على مفاهيم خاطئة وعادات وأعراف مغلوطة، فإن ذلك يؤدي إلى بلورة شخصية الإنسان بشكل خاطىء بحيث يتبنّى أفكاراً تخالف فطرته وتعاليم دينه السمحة، ومثال على ذلك عادات الثأر المنتشرة في عدد من المجتمعات العربية والإسلامية والتي تلحق العار بكلّ من يتخلّى عن الانتقام والثأر لقاتل قريبه، أو ظاهرة قتل النساء بداعي الشرف.
مشاهد العنف التي تعرضها القنوات التلفزيونية والتي تسبب تعلق الإنسان بتلك المشاهد واستساغتها؛ بحيث يراها أمراً اعتيادياً مألوفاً، وقد يمارسها في لحظة من اللحظات ضد أهله أو مع مجتمعه .
الفقر والجهل والبطالة التي تنتشر في كثير من مجتمعاتنا؛ فالمجتمعات التي ينتشر فيها الفقر والحاجة ينتشر فيها العنف الذي تسوغه بعض النفوس الضعيفة من أجل سد حاجات الإنسان، ويتزايد الأمر في ظلّ وجود الظلم والسياسات الظالمة من قبل الدولة والتي لا تأبه للإنسان الفقير ولا تعمل على تأمين احتياجاته وتعمّق الطبقية في المجتمع، كما يؤدّي الجهل والبطالة إلى زيادة ظاهرة العنف في المجتمعات بشكل كبير.
للحدّ من ظاهرة العنف يجب على المجتمعات العربية والإسلامية تبني منظومةً أخلاقيّة وتشريعية تحكم المجتمع وتضبط علاقات الناس مع بعضهم البعض؛ بحيث يجرم العنف ويحاسب مرتكبيه، كما يتمّ إعداد رسائل توجيهية وإرشادية تبثّ من خلال وسائل الإعلام المختلفة تبين رسالة الإسلام الصحيح التي تحثّ على الرفق واللين والتسامح والعفو بعيداً عن العنف والترويع والإيذاء
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية