ياسر عبد العزيز
أبت الأقدار إلا أن ترد التحية بأحسن منها .. فاز منتخب العراق لكرة القدم بالدورة 25 من بطولة الخليج لكرة القدم التي اقيمت في مدينة البصرة بعد مباراة في النهائي بمواجهة شقيقه العماني ولأن النهايات دوماً تكون أفضل لأصحاب القلوب الجميلة من البدايات فإن المباراة النهائية سجلت لصالح فريق أصحاب الأرض ولم تخذل الجمهور فمباراة افتتاح البطولة مع فريق عمان تقاسم نتيجتها الفريقان وخرجا بالتراضي . ليكتب القدر لأصحاب الأرض والضيافة والكرم نصيباً في التتويج باللقب الرابع له في تأريخ هذه البطولة التي تهدف بالأساس لجمع الأشقاء في عرس يقام كل عامين وأظن لو أجري استطلاع رأي لقال الأشقاء فلتكن كل عام حتى لا يجفو الإخوة بطول المدة . كرم أهل البصرة والذي طالما تحاكا عنه أهل العراق وسمعنا عنه نقلته كاميرات هواتف الضيوف وزاد المضيف من جرعات الكرم لأن الضيف غالي والشوق طال والحضن العربي الذي فتح ذراعيه بشوق لإخوته العراقيين يجب أن يقابل بمزيد من الكرم وحسن الاستقبال والمقام وأظهرت مقاطع مصورة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ونقلتها وسائل الإعلام عراقيين يرفعون لافتات كتب عليها "سكن مجاني" وآخرين يرفضون استلام أجور النقل أو الطعام حتى ذلك الرجل البسيط الذي يصف السيارات في المرآب عندما عرف أن صاحب السيارة ضيف من الخليج تمسك - على رقة حاله- أن يضيف صاحب السيارة في بيته واتصل بزوجته كي تجهز غذاء للضيوف.
وفي مقطع آخر يقول مشجع عُماني إنه لم يصرف أي دينار خلال تواجده في البصرة بسبب رفض أصحاب المطاعم والمقاهي وسائقي سيارات الأجرة أخذ أي مقابل للخدمات التي يقدمونها له ولعل مبادرة عندي سكن التي أطلقها أهل البصرة لاستضافة أشقائهم طوال أيام البطولة تعجز أي لسان عن وصف هذه الحفاوة العراقية بأشقائهم العرب . هذه الحفاوة والكرم والحب العراقي لإخوانهم يبدو أنه أعجز أيضا أحدهم وأصابه بالشلل الدماغي فبعد ما يقارب العشرين عاماً من سيطرته على الحكم من خلال ميليشياته وأحزابه ورغم استغلاله الدين والمذهب لغسل أدمغة العراقيين وإنفاقه المليارات في ذلك هدم العراقيون كل قلاعه التي بناه من أجل عزل العراق عن محيطه العربي ولعل غروره ذهب به إلى أنه يستطيع أن يستنسخ حالة الاحواز العربية في العراق ولعل القابع في طهران لم يفهم أن العراق ليست أحواز وأن الأحواز لم تتفرسن ولعل انتفاضات الأحوازيين المستمرة ورفضهم التطبيع مع النظام في طهران خير شاهد على ذلك لكن غشم القوة على الأغلب يغر صاحبه فيظن أن الميليشيات بقمعها ستغير ما وقر في قلب عراق العروبة أو أن تضيق الأحزاب الموالية لها على معايش الناس كي يشغلوهم بمعاشهم يمكن أن تمحو تاريخ حاضرة العروبة والإسلام على مدى قرون . إن حقد المهتزة كراسيهم في الحكم بفعل الغضب الشعبي من إدارتهم المتغطرسة والعنيفة وحقدهم الدفين على الأعراق التي تعيش في ظل حكمهم دفعتهم لكي يبثوا حقدهم على البطولة العربية ويحركون أذنابهم من أجل تسمية الخليج بالعربي ولعل مستشار الرئيس الإيراني السابق علي يونسي قد كشف ما تخفي صدورهم ولعل فيها ما هو أكبر حين قال إن إيران أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد ولم يكن يونسي ليقول ذلك إلا أنه عَلِم علم اليقين أن أحداً لن يعترض كما علم من اعترض على تسمية بطولة الخليج العربي بأن أحداً في بغداد ممن يأتمرون بأمرهم سيعترض على تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي .
إن اعتراض إيران على تسمية الخليج العربي ليست صاعقة في سماء صافية بل هي غيوم تجمعت منذ ما يقارب العشرين عاماً لتغطي وجه الشمس العربي كي لا تشرق على وجوه العراقيين التواقين لذلك الشعاع الذي يريهم نور عروبتهم بعد أن حجبها بطش الميليشيات وتغيب رجال الدين الذين ولوا وجههم قبل قم . لقد كان لثورة تشرين الفضل في رفع الغمامة عن عيون العراقيين وكشف السياسيين تجار الدين الذين لا يتركوا مناسبة إلا وأكدوا على ولائهم لطهران حتى لو مات العراقي جوعاً ليعيش الملالي في طهران . مبارك أهل العراق مبارك أهل البصرة لا على الفوز بالبطولة فحسب بل بالعودة للحضن العربي وبعد أن انتهت البطولة واحتفظ حكم المباراة بالكرة التي لعبت بها المباراة كذكرى فإن كرة أخرى أهم من كرة الذكريات ألقيت في ملعب الدول العربية وسيكتب التأريخ من استفاد من الفرصة وحقق الهدف ومن تراخى وأضاع الفوز .