ثامر الحجامي
بعد سقوط نظام الطاغية عام ٢٠٠٣ قرر الراحل محمد باقر الحكيم العودة إلى العراق، وكان إختياره إن يكون دخوله عن طريق البصرة، رغم التحذيرات من إغتياله حين الوصول إليها.
كان القرار له دلالات كثيرة، تدل على مكانة هذه المحافظة، وأهميتها سياسيا وإقتصاديا وجماهيريا، وتجسد عمق العلاقة بين هذه العائلة وإبنائها، ودورها الكبير في مقارعة النظام البائد، وحجم التضحيات التي قدمتها لسنين طويلة، ومستوى المحرومية التي تعانيها، رغم حجم الثروات الهائلة التي تملكها.
لذلك إحتلت محافظة الأولوية، في القاموس السياسي لعائلة ال الحكيم، إبتداء من الشهيد محمد باقر الحكيم، ومرورا بأخيه الراحل عبد العزيز وإنتهاء بالسيد عمار الحكيم.. فكانت الرأس الذي تنطلق منه المشاريع السياسية والإقتصادية، ولها إنطلقت المبادرات الكبرى لخدمتها وأهلها، وكان في مقدمة ذلك مبادرة " البصرة عاصمة العراق الإقتصادية" ومبادرة "البترودولار".
عكست علاقة الحكيم مع البصرة علاقة الطبيب مع مريضه، فهو دائما ماكان يطرح الحلول للمشاكل التي تعانيها البصرة، ويضع المعالجات أمام الجهات التنفيذية والتشريعية لتطبيقها، ولطالما عانت البصرة بسبب التماهي في تطبيق تلك الحلول والمعالجات، لكن الرجل لم يتوقف عن المطالبة بها مرارا وتكرارا، دون التفكير في مكاسب إنتخابية أو سياسية، إنما كان همه الأكبر هو الأرتقاء بالواقع البصري خدميا وإقتصاديا، ورفع الحيف والمظلومية عن هذه المحافظة المضحية، التي قدمت قوافل من الشهداء والضحايا، وكان آخر ذلك هو مطالبته بتخصيص قطع أراض، لعوائل الشهداء والجرحى من أبنائها.
في زيارته الأخيرة إليها عكس الواقع الحالي الذي يعيشه البلد، وذهب مبشرا إلى البصرة، بنجاح التجربة العراقية رغم حجم التحديات التي واجهتها، وأن العراق يشهد حالة من الاستقرار السياسي، ستنعكس على الأوضاع العامة في البلاد، وتحرك عجلة المشاريع العمرانية والخدمية، وستكون البصرة هي السباقة في هذا المجال على مستوى العراق، كما كانت متصدرة دائما.
تبقى علاقة الحكيم مع البصرة، علاقة لا تخضع للمكاسب السياسية الإنتخابية، كونها علاقة تاريخية ممتدة من مواجهة الديكتاتورية، ومرورا بمواجهة الإرهاب، ووصولا الى حجم الترحيب والتفاعل الكبير، الذي يحضى به الحكيم عند زيارته إلى البصرة.