محمد حسن الساعدي
بالرغم من انفاق الحكومات العربية الاموال الطائلة من أجل تسليح جيوشها إلا إنها لم تنفع في تلميع سمعة هذه الجيوش، وباتت تشكّل عقبة امام أي خطوة باتجاه الانفتاح على الوضع العربي او الاسلامي،أو اتخاذ المواقف الشجاعة ضد الكيان الاسرائيلي الذي يستهدف الامة العربية والاسلامية في كل حين، فعلى طول تاريخها فقد تعرضت هذه الجيوش الى الاذلال مراراً وتكراراً في سيرتها وحروبها مع إسرائيل،وهذه التجارب أثبت عدم فاعلية هذه الجيوش وعلى الرغم من نشر بعض الدول العربية لفرقتين عسكرتين خلال حرب الخليج 1991 ولكن سرعان ما قامت أمريكا بتهميشها عندما شاركت بالحرب ولم تشارك دول اخرى الا بعدد قليل من القوات القتالية.
كما هو الحال وعلى الرغم من الدعم العسكري الاميركي الكبير لبعض الجيوش العربية في المنطقة الا انها هي الاخرى لم تحقق أي انتصار يذكر،وباتت هذه الجيوش اداة وقتية يريدها الغرب وقت يشاء،وكما هو الحال بالنسبة لبعض الدول العربية التي تعد من اكبر الدول المتلقية للمساعدات العسكرية الاميركية حيث يحصل بعضها على حوالي 1.7 مليار دولار سنوياً،ولم تستثمر هذه الدول هذا الدعم من اجل تدعيم جيوشها من أجل السيطرة على الوضع الامني في المنطقة،كما هو الحال لقطر التي قامت مؤخراً بشراء سبع سفن جديدة من إيطاليا وسوف تحتاج الى 660 بحاراً لتشغيلها أي ما يعادل25% من أفراد البحرية القطرية الحالية.
دول الخليج هي الاخرى تنفق المليارات على شراء الطائرات المقاتلة بالإضافة الى ان حجم مشترياتها لا يتناسب وحجم أو نوع التهديد الذي تتعرض لها هذه الدول،وعلى الرغم من اعتمادها على الطبيعة البحرية في ازدهارها الاقتصادي الا إنها لا تولي اهتماماً بقواتها البحرية،وأفتقار عموم القوات العربية الى أجهزة الرصد والمراقبة للصواريخ العابرة والانذار المبكر وغيرها من أجهزة متطورة تواكب الاحداث في المنطقة وتجعلها في حالة الانذار،عكس الجيش الاسرائيلي الذي أستطاع من السيطرة على الجو والبحر والبر في حربه الاخيرة على غزة، دون أي مقاومة تذكر باستثناء الضربات القوية التي يتعرض لها من الجيش اليمني وبعض التعرضات العسكرية من المقاومة العراقية او اللبنانية.
المشكلة ليست في نقص الاموال او الاجهزة إذ يصل الانفاق العسكري المشترك في دول التعاون الخليجي بالإضافة الى مصر والاردن الى ما يزيد عن 120 مليار سنوياً فيما انفاق اعضاء الناتو 380 مليار دولار في عام 2023،والامر الاكثر اهمية هو ان الجيوش العربية تعكس عموماً حالة الفزع الاستبدادي لدى الحكام العرب،لكون الخبرات العسكرية لهذه الجيوش غالباً ما تكون مستوردة وأن عملها يعتمد بالدرجة الاساس على الاستشارات الاجنبية ومعظمهم من الضباط الغربيين السابقين.
من الضروري ان يكون هناك اهتمام بعقيدة الجندي العربي،وإيلاء هذا الامر اهمية خاصة خصوصاً وان الازمات بدأت تخرج الى العلن في المنطقة عموماً،وان الانظمة العربية باتت غير قادرة على الوقوف بوجه التمدد الاسرائيلي الذي يعتمد على نفوذه وتأثيره على تلك الدول وحكوماتها وان يصار الى بناء منظومة عسكرية موحدة لجيوش العرب والمسلمين تكون رادعاً لأي اعتداء محتمل سواءً من الغرب او من الكيان الاسرائيلي،والاكتفاء من شراء الاسلحة بكميات كبيرة من أجل منفعة الغرب الذي يزيد ماله من اجل دعم الكيان الاسرائيلي بالمال العربي،والاهتمام بالتكنولوجيا العسكرية المتقدمة،بما في ذلك مراكز ابحاث الذكاء الاصطناعي والذي بالتأكيد سيكون عنصر فاعل في تحسين سمعتهم العسكرية المقبلة .