بعدما دفعت قرارات عاملية بمناطق الجنوب الشرقي بشأن حظر الزراعات المستنزفة للمياه بعض الفلاحين إلى الهجرة نحو موريتانيا والسنغال، يواجه عدد منهم حاليا متاعب التسويق، وصعوبات التصدير نحو أوروبا والمغرب.
واصطدم الفلاحون المغاربة بواقع “مخالف” لما كان في الأول من تسهيلات وامتيازات، إذ وجد عدد منهم وفق إفادات لهسبريس مع مرور الوقت “صعوبات بيع منتجاتهم المزروعة داخل الأسواق المحلية من جهة، والتصدير نحو الخارج وخاصة المغرب من جهة ثانية”.
ومع تعثر التسويق المحلي يبقى التصدير الخيار المتبقي لدى هؤلاء، لكن التوجه نحو السوق المغربية، وفقهم، ترافقه رسوم كبيرة؛ أما أوروبا فليست في متناول الجميع، سوى من له علاقات تجارية قوية مع الزبناء الأوروبيين.
وعلى ضفاف نهر السنغال انجذب عدد من الفلاحين المغاربة نحو موريتانيا والسنغال قبل سنوات، من أجل الهروب من قرارات المنع التي مازالت سارية المفعول في جل مناطق الجنوب الشرقي.
وقال محمد شرمة، فلاح مغربي هاجر نحو موريتانيا ومن ثم إلى السنغال، إن “جميع الظروف كانت مواتية لبدء زراعات البطيخ والبصل في هذه المنطقة، لكن بعدها ظهر أن التسويق صعب للغاية، والتصدير أيضا”.
وأضاف شرمة متحدثا لهسبريس أن الخيار الوحيد الذي يبقى بالنسبة للفلاحين المغاربة بموريتانيا والسنغال هو التصدير، مشيرا إلى أن “هذا الأمر هو الآخر صعب بالنظر إلى الرسوم التي تفرضها الرباط على الصادرات الفلاحية القادمة من هذه الدول، وتدفع الكثيرين إلى البحث عن أوروبا”.
وتابع المتحدث ذاته: “أوروبا نفسها صعبة، لأنها تتطلب علاقات تجارية مع الزبائن هناك؛ ومع تكاليف النقل المرتفعة يكون هذا الخيار ليس في متناول الجميع”.
وعن سبب مغادرته موريتانيا نحو السنغال أردف الفلاح عينه بأن “الأمر مجرد حس تجاري، وغير مرتبط بعوامل مثل الجفاف، فهذه الظاهرة مازالت بعيدة عن نهر السنغال؛ وبشكل أدق سببها صعوبات التسويق بهذ البلد”.
ورصد مساعف الحسن، العضو في الجمعية الفلاحية لفلاحي وفلاحات منطقة طاطا، كيف تأثر عدد من فلاحي المدينة بعد مغادرتهم نحو الأراضي الموريتانية.
وقال مساعف في تصريح لهسبريس: “ذهب العديد منهم من أجل الهروب من قرارات المنع، لكنهم اصطدموا بجدار التسويق”.
وأضاف المهني في قطاع الفلاحة أن “غالبية الفلاحين الذين اكتروا الأراضي بموريتانيا والسنغال لزراعة البطيخ والبصل لم يستطيعوا بيع منتجهم محليا، كما وجدوا صعوبات جمة في تصديره للخارج، خاصة للمغرب، بسبب الرسوم الكبيرة”.
وبين المتحدث عينه أن “المزراعين المغاربة في موريتانيا خصوصا يوجدون تحت رحمة شركائهم من موريتانيا الذين يشتغلون دون قانون، وفي أي لحظة يمكن أن يتنازلوا عن هذه الشراكة”، موضحا أن “الفلاح المغربي لا يمكنه التصدير دون وجود شريك موريتاني، فذلك من الشروط التي تفرضها السلطات هناك لضمان أن المنتج المصدر سيكون موريتانيا”.
ولفت مساعف إلى أن “تخفيض الرسوم من قبل المغرب يمكن أن ينقذ هؤلاء الفلاحين من تبعات الديون المتراكمة التي جرت بعضهم إلى السجن، ومن جهة أخرى توفير منتجات مثل البصل في السوق المغربي، لمواجهة احتمالات تقلبات الأسعار”، وفق تعبيره.
هسبريس