بقلم/محمد الأمين الفاضل
أثير في الفترة الأخيرة ملفان شائكان وفي غاية التعقيد، أولهما يتعلق بتهم بالفساد، وقد أثاره رئيس منظمة الشفافية الشاملة الشيخ السابق محمد غدة ضد تجمع شركات من بينه شركة تحسب على رئيس أرباب العمل الذي يملك 40% من رأسمالها.
أما ثانيهما فهو يتعلق ب"البدرة البيضاء"، وقد أثاره المدون والكاتب عبد الرحمن ودادي، ويفهم من أحاديثه أنه يتهم بعض أفراد مشيخة معروفة في البلد بتبييض الأموال والتجارة في الممنوعات.
يُحسب لولد غدة وولد ودادي أنهما:
1 - أثارا ملفين شائكين ضد شخصيات لها وزنها وتأثيرها الكبير في البلد؛
2 - أنهما قدما كل ما لديهما من فرضيات وأدلة للرأي العام الوطني؛
3 - أنهما فتحا هذين الملفين الشائكين من داخل موريتانيا، وليس من خارجها، وهذا يؤكد أولا شجاعتهما، ويؤكد ثانيا أنهما على استعداد تام لتحمل كل ما قد يترتب على فتح الملفين من أضرار ومخاطر وتبعات شخصية، وبالفعل فقد بدءا في دفع الكلفة، فهما ما بين من سُجِن أو استدعي للتحقيق، في حين أن المتهمين يزاولون مهامهم وأنشطتهم دون أي مساءلة.
ما حدث بعد فتح الملفين معروف، فقد انقسم أهل هذا الفضاء كعادتهم دائما إلى فسطاطين اثنين لا ثالث لهما : فسطاط يدافع عن المتهمين في الملفين، ويبالغ في تزكيتهما، بل ويرفعهما إلى مراتب عليا، وكأنهما منزهان عن كل الأخطاء والنواقص، وفسطاط آخر يقف مع ولد غدة وولد ودادي ويعتبر أن ما قالا حقائق ثابتة لا يجوز التشكيك فيها تحت أي ظرف، وأنه من الواجب على الدولة أن تنفذ العقوبات ضد المتهمين بشكل فوري.
أيها النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي :
إن المطلوب منا جميعا ليس التضامن مع من اتَهَمَ أو التضامن مع من اتُهِم، بل المطلوب منا خدمةً للحقيقة وللوطن هو أن نقف صفا واحدا للمطالبة بتحقيقات شفافة في الملفين، والتعامل مع نتائج تلك التحقيقات بصرامة، وبما ينص عليه القانون، فإن كانت الاتهامات حقيقية عوقب المعنيون بما يحدده القانون في هذا المجال من عقوبات، وإن كانت التهم غير حقيقية، وأن كل ما قيل هو من أجل الإساءة إلى سمعة المعنيين، فعلى القضاء في هذه الحالة أن يعاقب ولد غدة وولد ودادي بما يحدده القانون من عقوبات ضد من يمارس الافتراء والإساءة إلى سمعة المواطنين الأبرياء.
إني أدعوكم - يا نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي - إلى التضامن مع الحقيقة، وبذل كل الجهود واستخدام كل وسائل الضغط من أجل فتح تحقيقات شفافة لمعرفة الحقيقة، واتخاذ إجراءات عقابية ضد هذا الطرف أو ذاك، تبعا لنتائج نلك التحقيقات.
وبالمناسبة فإن هذا هو الموقف الذي يُفترض فيه أنه يرضي الجميع، فإن كان الأمر يتعلق بافتراء تمت تبرئة المعنيين، وحُقَّ لهم حينها أن يطلوا على المجتمع برؤوس مرفوعة،
وإن كانت التهم حقيقية فإن الواجب في هذه الحالة هو أن يعاقب المدانين بتلك التهم، ويُكرم ولد غدة وولد ودادي على جهودهما الكبيرة في كشف جرائم الفساد وغسيل الأموال والمتاجرة بالممنوعات.
وأختم بما بدأتُ به : فَلِنطالب بكشف الحقيقة..هذا هو واجب اللحظة.