صباح الزهيري
عزيزي الدكتور محمود الجاف المحترم :
قد لا املك مدنا اهديها اليك , لكن املك حلما صنعته لروحك , ولما كانت للشعراء شموع تحترق في نزيف الكلمات , فأنه تجمعنا مع النص ,تجليات على قيد موت , وعلى وقع مقالك ( لاتضيعوه ) , دبجت لك هذه المقامة . يقول شمس التبريزي : (( شخص واحد فقط , سيمر في حياتك , خطوط يديه تشبه خارطة وطنك , ما أن يسحب كفه من مصافحتك , حتى تشعر انك في المنفى )) , تقول احدى الصديقات : (( بمجرد أن أضع قلمي على السطر لأكتبك تنبت ألف بذرة وتخضّر الورقة وتُمطر سمائها حروفاً ويحيطني عطر غاباتك , ماكتبت لك الاّ حلّت ذكراك ضيفاً وأنتزعت قلبي, ووضعت مكانه بين الجوانح باقة ياسمين )) .
كتب رجب الشيخ الأديب : (( قالت : انت ايها المجبول عشقاً من هامتك لاخمص قدميك .. تلابيب بوحكَ المغطى بمعاطف الحزن والاسى من اين لك تلك الرؤى المغلفة بوجد العشق , وقد تجاوزت عني بقلب لايعرف الا الهذيان ما بعد حلم يتحقق ,تنوء في مجرات الخيال أو اكثر من عاشق جاء متأخرا , من انت ؟ ماهو سرك أيها المغموس في كاسات خمر , أو في قلب وردة ؟)) , سلاماً على البشر الحقيقيين الذين إذا رأوا دمعة مسحوها , وإذا رأوا فضيلة أذاعوها , وإذا رأوا سيئة كتموها , وإذا رأوا هماً أزالوه , ومتعثراً أقاموه , وضعيفاً أسندوه , سلاماً عليهم أولئك الذين تسعدهم سعادة الآخرين , ويحزنهم حزنهم , الذين يؤمنون أنها الطريقة الوحيدة للحصول على المودة والحب والاحترام . عندما اثمل لم يبقى في ذاكرتي سوى الم الفراق , اما الحب فأنه مسالة ثانوية , فانت وجود , حياة , عمر جميل , احبه , اعشقه , وانا الوحيد الذي لايحتاج الى ذاكرة , فانت ذاكرتي , فعلام هذا الحزن الأحمق الذي يكفر بوحدانيتك بين أضلعي والجنبات ؟ وأين الإنصاف أن قلت تماسك , تبتر عيناك اغصان قوتي لتسامرني على جيد الحديث همسا فألاحقك كغزال بري , وكيف أضيعه ؟ ذاك الذي عندما يضع أذن قلبه على نافذة روحي يجدني كم انا حزين , ذاك الذي ان أقبل علي وحياتي تؤذن بالمغيب , طريح لم يبق في صدري سوى نفس واحد , سأعتدل جالسا وأشرع بالغناء.
تقول سلمى حداد : (( كم عاشق شاخ بمسجد تسري به نار الجوى لمرقد حرمت عليه ترياقي وكوثري , لو ردد بصلاته اسمي على مسمعي , كل السجود وان طال لن ينال مني مرجعِ , قد حجبت عنك مفاتني فانا لن اكون لغيره , الا تعِ ؟ عيناه اطهر قبلتين , ففي شرع الهوى بسواه لن التقي , قد صمت عن دين الغرام بابي فتحت جلدي اضحى نبي )) , هكذا انت , وانا لن اضيعك فما بين روحي وروحك همسة شوق لا يسمعها الا نبض قلبي وقلبك , قد تكون بعيداً عن نظري لكنك لست بعيداً عن روحي . أتسائل لم بَعدك يغدو الضوء خافتاً ؟ فتترآى لي اشباح طيفك علامات من أحلام قلقة ؟ وخيالات تندلق على ذاكرتي فأسكت حزينا ؟ وأقنع النفس انه ربما كان الصمت ينفعني , واحيانا أبكي , فالصب تفضحه العيون , وفي رسائل التواصل الصب تفضحه الحروف , أهرب مني إليك , علني أجدني كنقشة حنة في كفكَ, حتى في الصمت, يمر العمر فى جوف الضياع , ونبقى على شوق لنلتقي , كم الأيام متعبة بدونك ؟ لا تتسكع خارج الجنبات, فعندما تبتعد , يشتاقك النبض , ويصبح رأسي ككرة صدع . أحببتك مرغما ليس لأنك الأجمل بل لأنك الأعمق فعاشق الجمال في العادة أحمق , ان من أشد أنواع الأبتلاء شخص يعيش في داخلك وهو ليس لك , وأنت عالق في المنتصف , لا تستطيع أن تستمر ولا تستطيع أن تتوقف , تتمسك به أحيانا بكل مافيك من قوة كأنك غريق مدت اليه يد وهو في الرمق الأخير , وتقرر أن تفلت يدك أحيانا , لأنك تعرف أن الذين عليه أنتشالهم يأتون قبلك , فلا أنت بالممسك ولا أنت بالمفلت , عالق في المنتصف , تخشى على نفسك من الأستمرار معه , وتخشى على نفسك أكثر من الأستمرار بدونه , ومع كل تلك العذابات لن أضيعه .