جريمة دار النعيم: القانون الموريتاني يعاقب القُصَّر
محمد محمود آبيه
منذ أيام، هزت أركان المجتمع الموريتاني، جريمة اغتصاب بشعة حيث تعرضت طالبة جامعية للاعتداء في حي دار النعيم و لم تقتصر بشاعة الجريمة على الاعتداء نفسه، بل زادها وحشية محاولة الجناة تنفيذ عملية الإغتصاب أمام والد الضحية المريض، الذي يعاني من اضطرابات عصبية ويتناول أدوية الأعصاب.ويعكس هذا المشهد مدى التدهور الأخلاقي والأمني الذي أصبح يهدد كيان المجتمع.
إن ما يزيد الطين بلة هو أن هذه الجريمة ليست حادثة معزولة. ففي اليوم نفسه، وقعت جريمة اغتصاب أخرى في مدينة تامشكط، وقبلها بفترة وجيزة جريمة مشابهة في حي ملح وهذا ما يجعلنا نتساءل عن مدى فعالية القوانين الموريتانية وقدرتها على ردع المجرمين. كيف يمكن لمجتمع يدعي أنه يعيش في ظل دولة قانون أن يشهد هذا الكم الهائل من الجرائم البشعة؟
في الماضي، عندما كانت القوانين العرفية القبلية هي السائدة، كان مصير مرتكبي مثل هذه الجرائم واضحاً وسريعاً. القبائل كانت تتعامل بحزم مع من ينتهك القيم المجتمعية، وقد تصل العقوبات إلى القتل دون محاكمة. أما اليوم، ورغم أننا نعيش في دولة قانون، فإن العدالة تبدو غائبة أو بطيئة، مما يفقد المواطنين الثقة في النظام القانوني.
يزعم البعض أن الجناة في جريمة دار النعيم هم من القُصَّر، وكأن هذا يُبرر لهم الإفلات من العقاب. ولكن المادة 61 من القانون الجنائي الموريتاني تنص على معاقبة القُصَّر وبالتالي، لا يوجد أي مبرر قانوني أو أخلاقي للتساهل معهم.
إن غياب تنفيذ القانون بشكل صارم يشجع المجرمين ويترك الضحايا وعائلاتهم في حالة من العجز واليأس فإذا ما أردنا حقاً بناء مجتمع آمن، يجب أن يُطبق القانون على الجميع دون استثناء، وأن تكون العقوبات صارمة بما يكفي لردع أي شخص يفكر في انتهاك حقوق الآخرين. إن العدالة ليست مجرد نصوص على الورق، بل هي حماية حقيقية لكرامة وأمان المجتمع.
محمد محمود آبيه