النصر العسكري المؤزر في الموصل، قد فتح الباب على مصراعيه لتدور عجلة التسوية الوطنية، فقد جاء وقتها الان، فهذا المشروع الكبير الذي أطلقه التحالف الوطني، بقيادة رئيسه عمار الحكيم، الذي تبنى هذا المشروع ونقله إلى الدول العربية والأقليمية والدولية، بجولة مكوكية مدروسة وموفقة، مهدت الأرض لينطلق هذا المشروع لأصلاح الواقع السياسي الداخلي، بعد نجاح السياسية الخارجية العراقية بصورة واضحة ومميزة.
بانت دلائل نجاح التسوية الوطنية، بعد التغيير في الخطاب الإعلامي العربي والدولي، لصالح الحرب العراقية الشريفة، ضد الظلام الداعشي ومموليه ومناصريه، مما يحتم على الجميع أستغلال هذه البداية القوية، لتفعيل التسوية الوطنية فقد جاء دورها ليكتمل النصر سياسيا، بعد النصر عسكريا، وكلنا نعلم أن النصر السياسي يوحد الاهداف، ويقدم المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية والحزبية، ويعزز روح الإخلاص والتضحية الوطنية، التي ستكوّن حكومة قوية موحدة متعددة الأطياف، مدعومة من شعبها، مقبولة لديهم، لا يوجد فيها مكر وخبث سياسي، يعكر صفاء ونقاء النيات فيما بين الأخوة.
القوات العسكرية الباسلة بكل فصائلها، الحشد الشعبي، وجهاز مكافحة الإرهاب، والشرطة الاتحادية، والجيش العراقي، قد أنجزت ما عليها، وحققت النصر الكبير، الذي وحد الشعب، وعزز روح المواطنة، ورفع معنويات الأمة عبر التضحية والإيثار، ومهد الأرض لعملية سياسية جديدة، تكون معززة بثقة المواطن، وقوة الدخول في الساحة السياسية العربية والدولية بشخصية المنتصر القوي، الذي سيكون حسب كل هذه المعطيات مدعوم عربيا وإقليميا ودوليا، مما يسهل عليه سرعة البناء السياسي الداخلي المتحد المتوافق، عن طريق المشروع الكبير الذي ذكرناه وهو مشروع التسوية الوطنية التي ستأخذ دورها الآن بعد هذا النصر الكبير.
اغلب الكيانات والشخصيات السياسية التي تتلاعب بمشاعر وأفكار الناس، بشعارات وخطابات براقة، لتكسب منافع شخصية لها، اتهمت هذه الكيانات والشخصيات مشروع التسوية الوطنية بالتلاشي والموت النهائي، لكن في الحقيقية كانت التسوية الوطنية في طور النمو والنضوج لتنطلق بعد هذا النصر العسكري الكبير، فلم يكن الوقت مناسبا للتسوية الوطنية أثناء الحرب على الإرهاب، فالحرب لها الأولوية في كل شيء، بل أن التسوية الوطنية لا يجوز أن تنطلق في ذلك الوقت، لأن هذا يعتبر حكما على قتلها ووئدها، فمن المستحيل أن ينشغل السياسيون والخبراء والمثقفون بالتسوية الوطنية ويتركوا الحرب ضد داعش بدون مراقبة وتوجيه وتعزيز لروح المقاتلين في الميدان.
لايخفى على الخبراء والمثقفين، كما لايخفى على السياسيين، الفاسدين وغير الفاسدين، أن رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم، كان يتكلم عن إنطلاق مشروع التسوية الوطنية لما بعد النصر العسكري في الموصل على جرذان داعش، فقد كان كلامه يحمل نقاط متعددة، لصنع نصر جديد يضاف إلى الانتصارات العسكرية المتتالية، نصر ساسي يقضي على الفساد الذي أستشرى بصورة كبيرة في كل مفاصل الدولة، فبهذا النصر السياسي سنصنع نصرا أقتصاديا، واجتماعيا، وحتى صناعة ترسانة عسكرية فوق الميول والاتجاهات أي إنها تخدم الوطن وحسب.
مؤتمر أهل السنة، يعتبر هذا المؤتمر من أهم مصاديق بوادر النجاح للتسوية الوطنية، فبعد الجولة العربية والأقليمية التي قام بها السيد رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم، والتي دعا من خلالها الدول التي زارها، بمنع عقد هكذا مؤتمرات خارج سقف الوطن وخارج الغطاء الشرعي للحكومة العراقي، نلاحظ إنطلاق شخصيات سياسية سنية مشتركة في الحكومة، للتوسط لشخصيات سنية خارج العراق مطلوبة للقضاء العراقي، للسماح لهم بدخول العراق للمشاركة في هذا المؤتمر، وهذا يدل على أن المؤتمر لايمكن أن ينعقد خارج العراق، فقد أستجابت هذه الحكومات لمطالب رئيس التحالف الوطني، وأن انعقد هناك فأن انعقاده سيكون سرا لا يأخذ أي صدى او دعم دولي او إعلامي.
الواجب الوطني والأخلاقي، يفرض على الجميع في هذه الفترة، نسيان الخلافات وتجاوز الأزمات، بروح الإنتصار وروح الأخوة وروح المواطنة، لجني ثمار هذا الإنتصار الكبير على داعش، وتوجيهه إلى نجاحات أخرى، بعيدة عن المنافع الشخصية والحزبية، لبناء دولة المؤسسات، دولة الدستور القانونية القوية، وهذا يقع على عاتق الجميع، حكومة وشعبا، لنتخلص من النظرة الفئوية والطائفية الضيقة، التي مزقت البلاد وجرت الحروب والأحقاد لهذا البلد، ايضا لنتخلص من العبودية للأشخاص والأسماء الرنانة، التي هي بالحقيقة مجرد طفيليات تعتاش على دماء هذا الشعب، هذا شيء قليل من كلام رئيس التحالف الوطني وأمنياته للمرحلة القادمة.
إذن بعد إنتهاء الحرب عسكريا، ننتظر بزوغ شمس الإصلاح الجديدة، بأنطلاق مشروع التسوية الوطنية، بقيادة مؤسسها رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم، هذه الشخصية السياسية المعتدلة والمقبولة عربيا وإقليميا ودوليا، وعلى الشعب إن يفهم التسوية الوطنية ويعي محتوياتها قبل رفضها أو معارضتها، فهي الحل الجذري لكل مشاكل الوطن، فالسنة والشيعة والمسيح والاكراد وباقي الأقليات العراقية، واقع موجود على أرض هذا الوطن ولايمكن تغييره بأي وسيلة، ولاسبيل للتعايش فيما بيننا إلا عن طريق هذه التسوية الوطنية، وتأكدوا أن هذه التسوية لا تشمل الإرهابيين والفاسدين ومن تلطخت أيديهم بدماء هذا الشعب، التسوية مع الشركاء الوطنيين فقط، اطلقوها على بركة الله، بسم الله مجراها ومرساها.
علي الحسيني.