القصة فن من أروع فنون الأدب العربي لما تحمله من عضة و عبر جمة تجعل الإنسان يتدبر كثيراً و يفكر ملياً بما سيفعله في المستقبل من خلال تجارب الحياة التي مرَّ بها و خرج منها بنتائج سواء أكانت سلبية أم إيجابية فالمهم أن يأخذ الدروس المفيدة و التجارب الصحيحة و يعمل بها و قصتنا اليوم تحمل بين مضامينها الكثير من الفائدة و تعطي دروساً بليغة لأصحاب الشأن في بلاد الرافدين خاصة أولئك المتمسكين بكرسي الحكم و الزعامة الدينية كي يشعروا بمعاناة النازحين و مآسي المغتربين في أوطان الغربة و بلدان المهجر و يفكروا بما قدمت أيديهم لهؤلاء المظلومين في داخل و خارج العراق نعود إلى قصتنا وهي أن رجلاً قد تزوج من امرأتين الأولى اسمها حانة وكانت كبيرة في السن و الأخرى تدعى مانة وهي في مقتبل العمر و ذات يوم دخل على الكبيرة فقالت له : (( يصعب علي أن أرى هذه اللحية يلعب بها الشيب الأبيض و أنت لا تزال شاباً ) فخرج منها متوجهاً إلى الثانية فقالت له: (( يكدرني أن أرى شعراً اسوداً في لحيتك و أنت رجل كبير السن جليل القدر ) فاحتار الرجل بين المرأتين فمسك على لحيته و قال ( بين حانة و مانة ضاعت لحانا ) و الذي نريد قوله من هذه القصة الطريفة أنه بين تصريحات حكومة العراق الفاسدة و مرجعياتها الفارسية و بين حكومة إقليم كوردستان فقد سُلبتْ حقوق النازحين و ذهبت سُدى أدراج الرياح فالكل يغني على ليلاه فساسة الإقليم يبحثون عن مكاسب دنيوية و تنفيذ مخططات الغرباء المحتلين متناسين المصاعب الكثيرة التي يعاني منها النازحون و المهاجرون و التي لا تقف عن حد معين ، و أما حكومات بغداد و مرجعيات النجف الأجنبية فإنها لا تقل تجاهلاً و تغافلاً عن سياسة الإقليم المخادعة فكل يوم نسمع التصريحات الإعلامية لكل الأطراف وهم بصدد وضع خطة إنسانية تضع حداً لمعاناة و مأساة النازحين و حينما نأتي للحقيقة فإن الواقع يقول خلاف ما يصرحون به فإن كل تلك التصريحات أشبه ما تكون بالسحاب و لا صحة لها أصلاً فقد جعلوا من تلك الشريحة المظلومة و المنكوبة ورقة رابحة لهم وقت حلول العملية الانتخابية فيتلاعبوا بها كيفما شاءوا ؟ ومتى ما احتاجوها ؟ فيا حكومات العراق الفاسدة و المفسدة و مرجعياتها الروحية كفاكم متاجرةً بدماء النازحين ، و كفاكم سرقة لكل ما يقدمه العالم و منظماته الإنسانية و غير الإنسانية من دعم مالي و معنوي و خذوا من سجل مَنْ سبقكم من حكام الجور و ساسة الفساد و الإفساد العضة و العبرة و اعتبروا من يومٍ ينادي فيه المنادي إلا لعنة الله على الظالمين ، فالدهر يومان ، يوم لكم و يوم غدٍ سيكون عليكم وبالاً و عذاباً اليماً .
بقلم الكاتب و الناشط المدني سعيد العراقي