المرجعية الدينية هي مفهوم شيعي معناه رجوع المسلمين الشيعة الى من بلغ رتبة الاجتهاد والاعلمية في استنباط الاحكام الشرعية، ومن اصبح مؤهلا لمنصب الإفتاء واصدر رأيه في الاحكام الفقيه في كتاب يسمى "الرسالة العملية" يعبر عنه بـ " المرجع الديني" او "اية الله العظمى" في المصطلح الشيعي، يرجع الشيعة الى مراجع التقليد لمعرفة الاحكام الفقيه.
كان دور المرجعيات الدينية المتعاقبة على تاريخ العراق في الاحداث السياسية واضحا، ومع تغيرالنظام الحاكم، يتغير نمط الحرب التي تشنها السلطات ضد المرجعيات، اذا ما استرجعنا احداث ليست بالبعيدة عن متناول الذاكرة، نجد ان خطاب المرجعية كان يتضمن مفاهيم المشاركة في الانتخابات التي لطالما انتظرها الشعب العراقي، بعد خمسة وثلاثون سنة من الدكتاتورية والقمعية في ادلاء الراي واختيار الانسب، ركزت المرجعية في مضامين خاطابتها، ان لابد من اختيار الرجل المناسب، وانها تقف بنفس المسافة عن جميع الكتل السياسية المشاركة في الانتخابات آن ذاك، بعيدا عن النظر بعين المصلحة الشخصية وتقديم المصلحة العامة خدمة لصالح البلاد.
الدول المعادية للمسلمين داخل العراق عامة والشيعة خاصة تدرك دور المرجعية الدينية، ومدى التفاف الشيعة حولها وتمسك بأوامرها، لذا عمدت تلك الجهات الى العمل على زعزعت ثقة الشيعة بالمفهوم المرجعي وحلحلة الالتفاف حولها، بعد الفشل الذي عاشته الدورات السياسية في قيادة العراق، وانتشار الفساد، واستنفار الشارع العراقي، فبدأ المغرضون والمبغضون، يوجهون اصابع الاتهام وجعل المرجعية السبب وراء اختيار شخوص غير مؤهلين لقيادة البلد، وكأن سماحة السيد "السيستاني" هو الذي غمس سبابته بالحبر الازرق وحدد مصير اكثر من 21 مليون نسمة، بمحض ارادته، متناسيا الشعب حرية الاختيار، حيث كان اختيار الشعب لممثليه في الحكومة على مبدأي الطائفية، والمحسوبية.
بعد قرار خروج القوات الامريكية المحتلة من العراق واعلان العراق كدولة قادرة على ادارة الامور بنفسها، بدأت المساعي الامريكي لاحداث ثغرات تكون ورقة ضغط على الحكومة لاعادة قواعدها داخل الاراضي العراقية، ظننا منها ان دور المرجعية قد بات في مهب الريح لما عانى الشعب من مرارة الفشل السياسي، بعد انتهاء مسلسل القاعدة وبطلها "الزرقاوي" لجيء دول الاحتلال الطامعة بثروات العراق وخيراته، الى اصدار النسخة المطورة من تنظيم القاعدة فأوجدت الوباء الداعشي الذي دب كدبيب النار بالهشيم، وكان للمرجعية كلمة الفصل، وحسم الامور التي لو اركنت الى الحكومة المعاصره لما استطاعت ان تقدم شيئا، فانهيار العسكري، والانسحاب الذي لم تعرف اسبابه الى الان، كان قد فتك بقوات الجيش الباسل، فأوجب "السيستاني" القادرين على حمل السلاح بضرورة ووجوب الالتحاق بساحات القتال والوقوف صفا مع القوات العراقية المنكسرة، فكان لله مايريد بسواعد عباده، وخابت مساعي الطامعين.
بمفهوم اعداء النجاح، من الممكن تفسير الحراك الاخير تجاه المرجعية ونجاحها في التحكم بجمع الشيعة على وجه الخصوص واللحمه الوطنية بشكل عام، لذا لا نستبعد عزيزي القاريء ان رياح الفتن والتأويل ستهب بقادم الايام، فتصيب فاسد العقول وتقتلع من كانت جذوره رخوة، وحجبت عن بصيرته شمس الحق والتوفيق الرباني في ظل مرجعيتنه الرشيدة.
امجد العسكري