حكاية ( معاصرة )، تسرد في مقالاً يحاكي حروفه الفقراء، على بساط ملؤه الغيض والسراب، حكاية حاملة بين طياتها، مبادئ قد تريح القارئ، بعد إن حرقت بيادرها الكاتب!...
صعوبة العيش في المدينة؛ وبسبب ضغط والدته وإخوته عليه، دفعت بشخصية (صْبَيحْ)، أن تترك المنزل، للذهاب الى بستان أخواله، حيث يسكن جده لأمه، بستان بسعة الأرض، التي تجمع مئات الأنواع من الأشجار، كان كافٍ لإحتواء حركة (صبيح)، لم يكن للحيوانات والطيور لسان، تشكي ما يقوم به ذلك الصبي، ذو ال (9 أعوام)، من عمل مؤذي بها.
تماشياً مع ما يقوم به، من أعمال شغب، أطلق مثل هناك فيقال: (وراء كل مصيبة عظيمة ((صبيح))، حتى صار الحكم عليه بالجناية، لا يحتاج الى شاهد، ولا يعطى له فرصة الدفاع عن نفسه، لأنه حتى وإن لم يكن هو بذاته، فلابد ان يكون له يد بالقضية.
(صبيح) إنسان طيب القلب رغم شغبه، له إحساس ومشاعر، إشتياقه لامه وأخوته، جعله يفكر بالذهاب لزيارتهم، في يوم من الأيام.
ذهب ليعم الصمت، المنطقة مستبشرة، تنفست الأشجار والأحجار الصعداء، رقصت الحيوانات فرحاً، لأنها ستقضي فترة إجازة (صبيح) بأمان ورقود وإستقرار بعيدا عن الضجيج، إلا شياطين الشغب، بقيت تنتظره على أحر من الجمر.
بنفس ذلك اليوم،المؤذن قصد الجامع ، ليرفع الأذان، كان فرحا لعدم وجود (صبيح)، سيرجع اليوم بملابسه النظيفة لزوجته، والتي لطالما يفسد "صبيح" نضافتها ببعض الأطيان! بينما هم المؤذن لرفع صوته، وإذ تنهال عليه بقايا الطعام والأزبال ، من أعلى المأذنه، من شدة الموقف نسي بأنه امام مكبرات الصوت، فصرخ بأعلى صوته،( وتكولون صبيح ما هوه؟!).
لم يقتصر الشغب واللعب بحياة الناس، على وجود تلك الشخصية، بل تعدى الى التركة الثقيلة التي ورثتها في المجتمع، والتي تجعل من جميع المخلوقات على المحك،وأن لا يُسَلمو لمعطيات المعادلة، فلرب النتائج تورد الظن والشك حتى بالقدر، وتعطي لهم نذير شؤم ، بأن الفساد، لا يعني بالضرورة وجود المفسد بنفسه، فقد تكون أدواته عاملة بالرغم من غيابه عن الساحة.
منذ عام 2003 ولغاية عام 2006، العراق يراوح خلف السحاب، أثر الاحتلال الدولي على أرضه، وموارده وسياسته، قد تكون قائمة تركة الإحتلال، في أوج ثقلها، من بداية دخول قوات التحالف، للخلاص، تأملاً بتشكيل الجمعية الوطنية، مرورا بالعمل من اجل انتخابات عراقية، ودستوراً يصوت عليه الشعب، لم تكن النتائج بما نريد، لكن قد نقول انها حققت شيء من لاشيء.
ما بعد عام 2006 ولغاية 2014 سنوات وفرة، دستوراً مصوت عليه، وبرلمان منتخب من الشعب، خروج الاحتلال ، إعفاء من طائلة البند السابع، تشكيل تحالف وطني، هذه المعطيات قادرة على انتاج حكومة قوية بشعب مرفه، لكن ولأسف كانت بداية هذه المعطيات، هي نقطة تحول ( صبيح) الى بستان جده، ليبقى يصول ويجول في ذلك البستان، بفساده، ولعبه بمقدارات الشعب.
لم تترجم معطيات ثمان سنوات، بشكل صحيح، حيث السياسة مسحت معالم الإنجاز، والساسة لم يبصروا نور الإصلاح في عملهم، موازنات أدهشت الخزائن،! وجوه جديدة على الساحة، البلد يشهد حركة تجارية مكثفة، سيولة تملأ الأسواق، ومناصب تباع بالمجان،هذا ما جعل التركة أكبر من حجم الفساد، الموازنات الإنفجارية رحلت بلا رقيب، الارواح التي تبدلت لأنها فقدت المعيل بالانفجارات، فأضطرت للظهور، والسيولة كانت أموال مهربة، والمناصب لمن يصافح الحاكم بالولاء.
وأخيرا؛ ما يتوجب أن نشخصه، من فساد في الحكومة الحالية، هو نتاج تركة ثقيلة، لابد من الرجوع للوقوف عندها، حتى وإن رحل (صبيح) عن البستان، لكن الفساد، واللعب بمقدرات وحياة الناس، أثاره وأطلاله لم ترفع، ولرب معجزة رفع تلك الأطلال، ستحل المشكلة ، وترجع أموال البلد، بعد القضاء على الفساد، ومحاكمة صبيح على جرائمه....
...
ملاحظة: شخصية (صبيح - صباح )هي شخصية حقيقة ولا زال حي الى اليوم وهو الان احد المتطوعين في فصائل الحشد الشعبي، وتربطني به علاقة قرابة وتعايش، وكتبت هذه المقالة بعد موافقته واصراره على ذكر اسمه الحقيقي فيها ....
وليد كريم الناصري