النفاق هو إظهار الإنسان لغير ما يبطن، وأصل الكلمة من النفق الذي تحفره بعض الحيوانات كالأرانب وتجعل له فتحتين أو أكثر فإذا هاجمها عدوها ليفترسها خرجت من الجهة الأخرى، وسمي المنافق بهِ لأنه يجعل لنفسه وجهين يظهر أحدهما حسب الموقف الذي يواجهه، وما أكثر المنافقين في المجتمعات وخصوصاً الإسلامية وبشكل أخص المجتمع العراقي, حيث نجد هناك من يرفع – مثلاً - شعارات الإصلاح ومحاربة الفساد المفسدين ويدعي أنه يستلهم ذلك من ثورة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ويسير على نهجه لكن في حقيقة الأمر كل تلك الشعارات هي من أجل مصلحة شخصية وفئوية ضيقة وكل ما يرده هو إصلاح وضعه الخاص بما يتناسب مع مكاسبه الشخصية الدنيوية ولهذا نجده يكون متقلباً في كل مواقفه فمرة نراه يتهجم على جهة معينة وبعد فترة أخرى يرتمي بأحضان تلك الجهة متناسياً كل القيم والمبادئ التي كان يتظاهر بها ويقول ( الحسين قدوتي ) !!....
كيف يكون الحسين قدوة لمن لا يثبت على مبدأ أو لمن يبحث عن مصلحة شخصية دنيوية ضيقة ؟ فالحسين ( عليه السلام ) لم يهادن أو يجامل على حساب مبادئه الإسلامية الإصلاحية ولم يكن طالباً للدنيا ولا ساعياً خلف مناصب أو مكاسب شخصية فلو كان كذلك لما ضحى بنفسه وعياله من أجل محاربة الفساد فلو كان طالباً للدنيا لقبل بمهادنة المفسدين وحصل على المناصب والأموال وحافظ على نفسه وعياله من القتل، لكن الحسين ( عليه السلام ) أصبح واحداً من أهم المقاييس والمعايير التي يعرف من خلالها المنافق في زمنه ( سلام الله عليه ) وفي كل زمن وحتى في عصرنا هذا لذلك نقول ما قاله المرجع المحقق الصرخي في بيان " محطات في المسير إلى كربلاء " ...
{{... لا بدّ أن نتيقّن الوجوب والإلزام الشرعي العقلي الأخلاقي التاريخي الاجتماعي الإنساني في إعلان البراءة والبراءة والبراءة وكلّ البراءة من أن نكون كالذين تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا كالذين عملوا السيئات ولم ينتهوا ولم يتّعظوا ، فلنحذر من أن نكون على مسلكهم وبنفس قلوبهم وأفكارهم ونفوسهم وأفعالهم، حيث وصفهم الفرزدق الشاعر للإمام الحسين عليه السلام بقوله: ( أمّا القلوب فمعك وأمّا السيوف فمع بني أمية) فقال الإمام الشهيد المظلوم الحسين عليه السلام ( صدقت، فالناس عبيد المال والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درّت به معايشهم، فإذا مُحّصوا بالبلاء قلَّ الديّانون ) والسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين وعلى الأنصار الأخيار السائرين على درب الحسين ومنهجه قولًا وفعلًا وصدقًا وعدلًا...}}.
فلكي نخرج من دائرة النفاق يجب أن لا نرفع شعارات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاربة الفساد والدعوة للإصلاح ونكتفي برفع تلك الشعارات دون أي تطيق أو يكون التطبيق بما يخص المصلحة الدنيوية الضيقة فهذا هو قمة النفاق والعياذ بالله, ولا نكون ممن يشهر سيفه بوجه الحسين ( عليه السلام ) من خلال النفاق والتظاهر بالسير بنهج الحسين وإتخاذه وسيلة إعلامية لكسب المؤيدين والأنصار أو كسب ود الناس من أجل مطلب دنيوي حقير.
بقلم نوار الربيعي