من تحت أنقاض الويلات والمآسي يعيش العالم اليوم تغيير في القيم والمفاهيم ؛ سابقاً كانت القيم الإنسانية كــ مثل فقاعة والكائن البشري يتحرك بداخلها بكل حرية وأمــان، ولكن سرعان ماتغيرت الأمور بسرعة فائقة واصبحت الحياة عبارة عن ساحة معركة حامية تُرغمنا على أن نتقاتل لكي نحافظ على مواقعنا وامتيازاتنا وتفاهاتنا المادية الأرضية الصغيرة.
وهذا ماأشار اليه رجل الدين الصرخي وهو يوجه خطاباً انسانياً الى المجتمع الاسلامي بالعموم والعراقي بالخصوص والى ضرورة الرجوع الى حقيقة الدين بالتعامل الانساني مع الاخرين والتفاعل مع معاناتهم ومأسايهم وآلامهم في اشارة الى ما يحصل في المجتمعات والمناطق مع ما يحصل من سرقات وفساد وانتهاك واعتداء على الحرمات داعيا ً الى عودة الناس الى ما كانوا عليه من الدين والايمان والاخلاق ومن الرحمة والإنسانية بقوله : ((وكما تحصل السرقات الآن والفساد والانتهاك والاعتداء على الحرمات وعلى الناس وعلى الأراضي وعلى الزرع وعلى المياه وعلى الهواء، من الداخل ومن الخارج، من الدول والمنظمات ومن الأشخاص، وينتهي البلد ويفقر الناس وتفقر البلاد، وتدمر البلاد وتسبى العباد، وكل إنسان يقول: يا روحي يا نفسي يا جيبي، يا مصلحتي الخاصة، يا واجهتي، إلى أن وصل الحال إلى ما وصلنا إليه، فمن أين يأتي الفرج ومن أين يتحسن الحال؟ وقد ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، فمتى يرجع الناس إلى ما كانوا عليه؟ إلى بعض ما كانوا عليه؟ من الدين والإيمان والأخلاق ومن الرحمة والإنسانية)
نعم لاتوجد قاعدة ثابتة سوى واحدة تضبط حياة الآنسان ؛ "النصر والفوز للأقوى" ياسادة هي شريعة الغاب أصبح فيه الانسان لايعي سوى الربح والمصلحة الشخصية
لقد أصبحنا اليوم نعيش في عالم، لا يحق سوى لعتــاة المجرمين بوضع القوانين وتطبيقها على الآخرين من دونهم من المستضعفين والمقهورين والمستعبَدِين والمضطهدين.
حتى العنف صار وسيلة رائجة في مجتمعاتنا ؛لدرجة أننا تعودنا على رؤيته في كل مكان ؛ ومن فرط تقبلنا لهذا الواقع أصبحنا أكثر خضوعاً وإستسلاماً ؛إنه للأمر مؤسف حقاُ !!
هكذا أصبح العالم من حولنا عبارة عن تسلية، واصبحت معاناة الآخرين حديث الخاصة في الفضائيات والجرائد وحديث العامة في المقاهي والدوواين والمسارح والنوادي حتى في ملاعب الصغار ورياض الأطفال ..
أصبح عالمنا اليوم مسرح خيالي يجد فيه المتفرجون متعة ولذة، خاصة وهم يشاهدون معاناة الناس من هنا وهناك !!، للأسف أمسى بني الانسان مجرد متفرجين وأصبح الأعم الأغلب منهم يتقبل عن طيب خاطر أن يكون متفرجا سلبيا، بدون أية ردة فعل، إنه يظن بأن ردة فعله لايمكنها أن تغير في الواقع المرير شيئا..
فخورون لانهم يتفرجون على مايعانية العالم من مآسي وويلات ولايخطر ببالهم يوماً ان هذا المصير سيكون مصيرهم الحتمي في أخر المطاف .
ـــــــ
هيام الكناني