لكل مجتمع معتقدات وعادات، تميزة عن باقي المجتمعات المحيطة به، وقد تكون متشابة في بعض الأمور، وتختلف في بعضها احياناً .
إن جذور هذه العادات والتقاليد، التي تكون مشتركة في الشعوب والبلدان، تكون عميقة، ولها أصول دينية مترابطة، لأن كل الديانات، تكون مشتركة في العديد من الأمور، ومتشابة في العديد من النواحي.
إن الشعب العراقي وبأختلاف طوائفة، وتعدد دياناته وقومياته، إلا أنهم أكثر الشعوب، تواصلاً وحباً وعطفاً في مابينهم، إن أغلبهم يشتركون مع بعظهم، في إتمام المراسيم الدينية، كالمسير إلى كربلاء لدى الشيعة، وكأحتفالية المولد النبوي في مرقد أبو حنيفة، وكعيد رأس السنة الميلادية لدى المسيح، حيث لا يوجد في قاموس الشعب العراقي، كلمة طائفية أو مذهبية، وإنما دخلت هذهِ المصطلحات، وروج لها عن طريق الإعلام المرتزق، لتدمير الأواصر، التي تربط هذا المجتمع، ولنشر التفرقة، وزرع الحزن داخل قلب هذا الشعب المسكين.
ما يحدث من إحتفالات، وكرنفالات فرح التي تجتاح وتنتشر، في مولات و مجمعات العراق، وبالأخص بغداد، والتي تشهد إقبالاً واسعاً، من كافة الأطياف العراقية، تكون مصحوبة بحفلات غناءٍ صاخبة، لمطربين معروفين، والتي تحدث خاصة، في ليلة رأس السنة الميلادية، تأخذ صدى واسع، على مواقع التواصل، مابين مؤيدٍ ورافض، لمثل هذه الاحتفالات، لما يحدث فيها من أمور لا تتناسب، مع عادات وتقاليد المجتمع العراقي، فالأول يرتضي ما يحدث، من كافة الأمور التي تصاحب هذه الاحتفالات، فهو يأخذها من منظار، أن هذا الشعب بائس، وإن مثل هكذا أمور تعتبر المتنفس الوحيد لهم، بعيداً عن حالات التحرش التي تصاحبها، وأغلب أصحاب هذا الفكر، هم شباب المجتمع المدني.
اما الثاني فهم قسمين، أحدهم المتشددين دينيا، وهم يرفضون فكرة الغناء، والحالات غير الأخلاقية المصاحبة لها، والقسم الآخر يرفضها، بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية، ويراها من منظار، أنها صور تنم عن عدم الوعي، بسبب كمية الشغب والتحرش، والتصرفات غير اللائقة من الجنسين، وبين هؤلاء تنقسم آراء العراقيين، حول إحتفالات رأس السنة الميلادية، وكلٌ منهم مقتنع بما أنتجهُ فكره، ومارسمه ذهنهُ من صوره، حول ماتدعى بكرنفالات الحب والفرح.
لا ضير في الاحتفالات، ولا يجب علينا أن نمنعها، فنحن نعيش تحت إطار الحرية! لكن بدل الإنتقاد، لماذا لا نعمل على نشر الوعي الثقافي، للحد من حالات التحرش؟ لماذا لانعطي جرعة وعي للشباب، ونعد مهرجانات بعيده عن الجهل الثقافي، الذي يحيط بشبابنا؟
محمد جواد الميالي