تابع الآلاف ما كتبته المدونة الموريتانية الدهماء ريم ذات التدوينات المقروءة عن سبحة الأمير الوليد بن طلال التي نسيها في نواكشوط خلال زيارته لموريتانيا في أيلول/ سبتمبر 2011 وأبرق من الجو يطلبها.
وتحت عنوان «سجين الريتز كارلتون»، قارنت الكاتبة في مهارة عالية بين الهستيريا التي أصابت طاقم السفارة السعودية في نواكشوط عندما أبرق الأمير من الجو يطلب سبحته التي نسيها في سيارة الضيافة، وبين حالتهم اليوم وهم يتهربون من اسمه بعد أن أصبح على رأس سجناء الأمير محمد بن سلمان.
تقول دهماء ريم «زار الأمير الوليد بن طلال موريتانيا ليوم واحد، وككُل شخصية وازنة اجتهدت الدولة لتوفِّر له أسباب الرَّاحة، ولزيارته أسباب النجاح، ومعلوم أن الاستثمارات الخليجية تَطْبَعها المزاجية وهي أقرب لِلُعبة الرِّهان، تُصيب وتَخيب، وفي حالتنا هذه طبعًا خابَتْ».
«يُحكى عن الأمير، تضيف المدونة، مَيْله لامتلاك زوج من أيِّ شيء يَقْتنيه؛ فجاءَ إلى نواكشوط في طائرتين، إحداهما تُقِلُّ ستة عشر شخصا، والثانية احتياط، فالأمير الوليد، مُخالف للصّورة النَّمطية لأهل رَبْعه، نحيف، بسيط في اجتماعيةٍ مرحة تَمُتُّ بخؤولتِه».
وتابعت المدونة قصصها عن «سجين الريتز كارلتون» تقول «بعد مائدة فخمة، ويوم حافل بالتّجول في المدينة، والمقابلات والأماني بالنَّظر في الاستثمارات التي ستكون، إن شاء الله، هباء وكلاما في الهواء، أقْلَع سِرب الأمير الجوِّي، وما هي إلا لحظات وتسقطُ برقية من الطائرة تُخبر أن الأمير ضَيَّع سَبْحة في سيارة الضّيّافة». وتابعت «وفي طرفة عين تجد الموظفة المعنية أمامها مسؤولا من السفارة السعودية، وقد تملّكه القلق، يفرك يديه في ارتباك وعصبية، يريد سبحة الأمير، وسبحة الأمير فقط، كانت الموظفة عكسه مطمئنة للحالة، اتصلتْ على سائق سيارة الضِّيافة: هل رأيت سبحة…الخ؟ فرد باللهجة الحسانية: اشْوَيْ عايِدْ كيفْ لخْريزَات.. أي «حاجة بسيطة فيها شيء من الخرز»، نعم هو ذاك!، فردّ في برودٍ: أرانِ ازْركَتُ افْكوفْرْ، أي «لقد رميته في محفظة السيارة».
«كان الأمر، تضيف المدونة، خَرَزَات قليلة في شكل جواهر شفافة، منظومة في سلك من الفضّة أو الذهب الأبيض، ف»لِخْرَيزات» لا تعني الكثير لسائقٍ أمين، سِجلّه نظيف، على أبواب التقاعد، قادَ نفس السيارة بعشرات من نُظَراء الوليد.»
وأضافت «ثم كان أن انتقل مسؤول السفارة السعودية من حال الذُّعر الى حال الفرح، مع كثير من الدّعاء، والرّغبة في إكْرام السائق، فترد عليه الموظّفة: متيقِّنة بنبل دافعك، لكننا لا نقبض عادة ثمن أمانتنا.»
وتابعت «أثناء كلمة الوليد لصحافتنا، تَجَلَّت قدرة الخالق فيه؛ فقد بدَت أمواله عاجزة عن رَدْعِ جِماح عضلة في وجهه، متمرَّدة على سلطانه، تَنْقَبض قُرْب فمه فَيَغْمِز بشكل لاَ إرادي، ثم تجلَّت قُدرته فيه اليوم، وهو مُقيّد في جَنَّة الريتز، وقد وَلاَّهُ الأهل والأصحاب والمال الذي كان يعتصِمُ به الظَّهر».
ثم تساءلت «ماذا يعني للأمير الملياردير ذاك الأكسسوار-السبحة الآن مقابل شعاع من شمس، وهو الذي تعوَّد أن يَخْلُق الظروف التي يتحرَّك فيها؟؛ هل مِنْ أحدٍ من السلك الدبلوماسي لبلدهِ يتجرأ ويُبدي قلقه عليه، فبالأحرى على أشيائه التافهة؟، إهانة الكبار لا تَتَّخذ طريقها الى الظُّهُور إلاَّ عبْر جبروت السلطة، ليس بالضرورة لإصلاح مِعْوجّ، ولا لعلاج علّة، بل لكي تتَمتَّع بالانفراد بالقوة.»
ثم ختمت الدهماء ريم تدوينتها عن سجين الريتز كارلتون قائلة «تتساقط العبرات، والأمراء يتظاهرون لسدادٍ من عوزٍ لفواتير الماء والكهرباء!!».
لاقت تدوينة الدهماء ريم مئات عن «سجين الريتز كارلتون» مئات الإعجابات، وحصدت عشرات التعليقات، حيث كتب الإعلامي الموريتاني البارز الشيخ بكاي «هي الدنيا غريبة، لا تبقى على حال».
وكتب المدون البارز أحمدو الأمين الغزالي «لله الأمر من قبل ومن بعد سبحان الله ما أجمل الإبداع حين تكتب « الدهماء « عن الأطوار التي تطبع حياة الأمراء».
وعلق علي سيدي موسى قائلا «ِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها».
وكتب عبد الله عبد الفتاح «سبحان مغير الأحوال، تحياتي لذلك السائق الأمين ولتلك الموظفة».
وكتب شاعر موريتانيا الكبير ناجي محمد الإمام «خرزات…كمُدِّ جواهر الأميرة أروى؛ طلاوة مَرِحة وتتابع مريح»