“ادفعوا.. أو ارحلوا”.. تلك هي الرسالة التي يبعث بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى أفراد الأسرة الحاكمة في المملكة العربية السعودية، وذلك بعد حملة الاعتقالات الأخيرة التي طالت أمراء ووزراء سابقين ورجال أعمال بتهم مختلفة تتراوح من الفساد إلى الاحتجاج على قرارات ملكية.
هكذا علقت شبكة “سكاي نيوز” البريطانية على الإجراءات الجريئة وغير المسبوقة التي يتخذها محمد بن سلمان بحق أعضاء في الأسرة الحاكمة والتي كان آخرها اعتقال 11 أميرًا بعد تجمهرهم أمام قصر الحكم في العاصمة الرياضلرفضهم توقف الحكومة عن سداد فواتير المياه والكهرباء عن الأمراء، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ العائلة الملكية.
وقالت الشبكة في سياق تقرير على نسختها الإلكترونية اليوم الثلاثاء: إنّ السعودية تشهد أسلوبًا جديدًا في الإدارة- إن صح التعبير- منذ تصعيد ابن سلمان لتولي منصب ولي العهد خلفًا لـ الأمير محمد بن نايف، مضيفة أن ابن سلمان قد أحكم بالفعل قبضته على مفاصل الحكومة منذ ذلك الحين، حيث لا يتردد في إقصاء أي منافس محتمل له من المشهد السياسي، علاوة على حربه المزعومة ضد الفساد.
وأوضح التقرير أن ابن سلمان يتعهد منذ بداية ظهوره كشخصية نافذة على المسرح السياسي في البلد العربي الغني بالنفط بتحديث المملكة وإصلاح اقتصادها، مؤكدة أنه يحظى بشعبية واسعة، لاسيما بين أوساط الشباب.
وأشار التقرير أنّ توقيف ولي العهد السعودي لعدد من الأمراء النافذين، وفي مقدمتهم بالطبع الملياردير الوليد بن طلال في العام الماضي قد أحدث هزة عنيفة في عموم المملكة العربية السعودية، موضحة أن تلك الشخصيات التي تمتلك ثروات شخصية تقدر بمليارات الدولارات يمثلون الأسلوب القديم لفعل الأشياء في البلاد واقتصادًا قائمًا على المحسوبية.
ولفتت الشبكة إلى أن الأمراء الـ 11 الذين تم توقيفهم مؤخرًا بعد رفضهم مغادرة القصر في الرياض لم يستوعبوا على ما يبدو التدابير التقشفية التي اتخذها ولي العهد لرأب الصدع في الاقتصاد الوطني الذي يكافح من انخفاض أسعار النفط العالمية أوصلت عجز الموازنة في البلد العربي لأكثر من 50 مليار دولار.
وتطبق الحكومة السعودية حزمة من الإجراءات الإصلاحية التي تشتمل على تقليل دعم الطاقة وخفض الامتيازات التي يحصل عليها الأفراد في الأسرة الملكية.
وأفاد تقرير “سكاي نيوز” بأنَّ صعود محمد بن سلمان إلى السلطة قد أشعل توترات جديدة في الأسرة الحاكمة، مردفًا أن الحكم بمبدأ الشورى الذي كانت تتظاهر المملكة بتطبيقه قد اختفى الآن وبات رجلًا واحدًا فقط- ممثلًا في محمد بن سلمان- هو من يتحكم بمقاليد الأمور في البلاد.
وذكر التقرير أنَّ ابن سلمان يطلق منذ شهور حملة لقمع أية أصوات معارضة للتغيرات، من قبل منافسيه في الأسرة الحاكمة، أو حتى رجال الدين الوهابيين، لافتة إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه الرجل الآن هو كيفية تنفيذ وعوده بالتغيير، لاسيما أن حكومته ترفع سقف التوقعات، خصوصًا بين الشباب الذي يرغب في قدر أكبر من الحرية ومزيد من الفرص، ولا يروق لهم سيطرة نخبة من الأمراء على مقدرات المملكة.
واختتم التقرير بقوله إن شباب المملكة لم يظهروا على الأرجح أي تعاطف مع الأمراء الـ 11 المعتقلين حاليًا في سجن بجنوب العاصمة السعودية.
ويقود ولي العهد السعودي برنامجًا إصلاحيًا طموحًا يرمي من خلاله إلى ترشيد إنفاق الدولة مع طرح عملية خصخصة واسعة النطاق تبدأ من شركة “أرامكو،” عملاقة النفط الحكومة والمقررة هذا العام.
ووقع الاقتصاد السعودي الذي تأثر سلبًا بفعل انخفاض أسعار النفط على مدار 3 سنوات في بئر الركود في العام 2017، حيث كان القطاع الخاص يئن من تراجع الإنفاق الحكومي لسنوات. ولجأت وزارة المالية السعودية أيضًا إلى إصدار ديون عالمية بهدف تحقيق توازن في الموازنة العامة التي من المتوقع أن تسجل عجزًا يصل إلى 52 مليار دولار هذا العام.
المصدر: ترجمة وتحرير مصر العربية