البرلمان, هو تِلك البيئة الديمقراطية الحاكمة, والمعبرة الى حد ما لرغبة الشارع المُنتخب له, قائمٌ على الأنتخابات التشريعية القائمة كل أربع سنوات, قائمةً وبشكل أساس على تنافس الاحزاب وفق ثوابت وبرامج مختلفة, لتبقى معالم النتائج مرسومة بفرشاة الفئة الناخبة للشخصيات والتيارات والاحزاب المُنتخبة وحسب ما تفرز عنه تِلك الورقة الديمقراطية التي توضع في صناديق الاقتراع.
أنتخابات عام 2014 وبين مبدأ ارادة شعبٍ بالتغيير, ومبدأ (ما ننطيها) والتشبث بالسلطة, خاض الطرفان صراعٍ في محطات الإقتراع, لتنتهي تِلك الإنتخابات بأعلان فوز ولايةِ ما ننطيها بما يقارب ال100 مقعد برلماني, لكي يعتلي سقف المطامح بالولاية الثالثة, فبدأ التوجه والمسير نحو عقد التحالفات وكما حصل في 2010 من تقديم التنازلات لقاء الدعم لزيادة الحظوظ والتصويت له للولاية الثانية, سرعة أدراك التحالف الوطني للمسألة الحاصلة في وقتها كان سريعًا نوعًا ما, على الأقل كان أسرع من ألتفافات الطرف الأخر, وما بين ليلةٍ وضحاها, تفاجئ الجميع بأعلان التحالف لشخصية العبادي لقيادة السلطةِ التنفيذية وبإغلبيةٍ سياسية, فثار جنون الكثيرون لتبدأ معالم التسقيط الإعلامي وتعلوا التصريحات, والمساس بالمحكمة الإتحادية بشأن قانون الإغلبية السياسية, وما أن خفت الوتيرة, سار كل شيء على ما يرام وصوت البرلمان على رئاسة الوزراء, ومن ثم تباعًا على الحقيبة الوزارية وتم تشكيل حكومة 2014.
بدأ التعويل على البرلمان العراقي الجديد بشكل كبير في إقرار العديد من القوانين العالقة والبرامج المتوقفة, خصوصًا تِلك القوانين الواردة من الحكومة السابقة, والمطروحة حاليًا تحت سقف مجلس النواب, ولكن ما لم يكن بالحسبان, أنه إمبراطورية ما ننطيها أبت أن تحسب الأنجازات للحكومة الحالية, فأستخدمت مقاعدها البرلمانية لمعارضة وعدم إكمال النصاب في أي قانون من شأنه أن يُحسب للحكومة الحالية, فبدأت مسيرة العداءات الشخصية مع شخصية العبادي, لنقف على التلِ ونبصر ما ستؤول اليه الأوضاع في ظل هذا الصراع.
جاءت مرحلة ما يسمى بالاصلاح, لكي تقلب طاولة البرلمان وتثير الأمور أكثر من اثارتها السابقة, فسائت الأوضاع أكثر فأكثر, لكي تبدأ شجارات المجلس والأخلال بالشرعية والتصويت على إقالة رئيس, وحدوث بعض أعمال الشغب, الى أن ادرك العبادي الوضع فطالب بحكومة (التكنوقراط) لأنقاذ ما تبقى والخروج بإقل الخسائر حسب أعتقادهِ, لتنتهي معالم التكنوقراط ببعض التغييرات الوزارية, وتغيير بالتوافقات السياسية داخل قاعة البرلمان.
مع أقتراب مرحلة النصر والخروج من أزمة داعش, بدأت بعض القرارات تلوح في أفق مجلس النواب, لكي نستنشق بعض التغيير في الألية المعتمدة والتوافقات المخالفة, فشهدنا مرحلة أستقرار طفيفة بعض الشيء ولم تستمر كثيرًا, ليبدأ أخر عام تشريعي لأنتهاء الدورة البرلمانية ونشهد عدم أكتمال النصاب لثلاث جلسات متواصلة, مع أستغلال البعض لمسألة أستجواب الوزراء التي كانت تلوح في الأفق لسنوات, لتستقر في فترة التهيؤ للأنتخابات وأنتهاء الفترة التشريعية.
وإليكم أبرز الحقائق المخفية عن برلمان 2014:
15 نائبًا لم يحضروا أي جلسة لمجلس النواب ومنذ عامين.
141 نائب لم يحضروا في أي جلسة للسنة التشريعية الاخيرة, من ضمنهم 106 مجاز رسميًا من هيئة الرئاسة, وبمختلف الأعذار.
145 قانون سيتم اعادتها الى الحكومة لمناقشتها والتصويت عليها في الدورة البرلمانية القادمة.
151 قانون فقط, هي ما تم أقرارها خلال تِلك ال4 سنوات التشريعية السابقة.
والأمر الأهم من ذلك الخاتمة الحسنة, بطرح قانون اتحاد البرلمانيين والذي يعطي الحق للنائب بالتمتع بكامل الأمتيازات بعد الدورة البرلمانية.
أنت يا من تُريد مقاطعة الأنتخابات, أبقى مستقرًا على فكرتك, ودع القيادة القادمة كسابقتها, ولكن فالتبحث عن كهفًا ترقد فيه ل4 سنوات قادمة.
للأمانةِ فقط, وحتى نكون منصفين, هذهِ الدورة رغم انخفاض القيمة المعنوية لنوابها, لكنها كانت الأكثر انتاجًا, وقد شرعت قوانين مهمة وحيوية, وقوانين أستراتيجية, كقانون مجلس القضاء وقانون الاحزاب ...الخ.
وتبقى رأية التغيير خفاقة, فسقف المطامح يوازي سقف الأحلام, التي بوجود الإمكانيات, من الممكن أن تتحول الى أهدف.
حسين نعمة الكرعاوي