العبادة هي مجموعة من الأعمال التي يؤديها الإنسان و على أكمل وجه وهي بمثابة إعداد و تربية النفس و التي تعود عليه بالمردود الحسن ففي كل الأحوال الفرد هو مَنْ ينال سعادة الدارين وهذا لا يحصل له مالم يؤدي ما عليه من الفرائض وكما رسمتها السماء و الآن لنتعرف على الأسباب التي دعت السماء إلى خلق الإنسان في هذا الكون الفسيح فهل يا ترى هذا الخلق لحكمة أم انه عبثاً و لا جدوى منه ؟ و خير ما نستدل به في محور كلامنا هو القران الكريم دستور السماء الذي كشف عن كل شيء و عالج كل شيء فلم يغادر صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها فعندما قال ( وما خلقتُ الجن و الإنس إلا ليعبدونِ) كلام لا غبار عليه يعطي العلة وراء خلق الكون وما فيه هي من أجل العبادة التي يقوم بها الفرد و المجتمع على حدٍ سواء و سؤال آخر هل للعبادة دور في تقويم حياة البشر أم أنها مجرد أفعال و أقوال و انتهى الأمر فتكون حينها كالجسد بلا روح ؟ فمن خلال قراءة التاريخ و الاطلاع عن كثف على سيرة الأولين و الآخرين نجد أن كل ما صدر منهم من حسنات و سيئات كانت تقف وراءه العبادة وهي كما متعارف عليه تكون إما عبادة صالحة و الأخرى عبادة فاسدة ، فالأولى تكون خالصة لوجه الله تعالى و أما الثانية فتكون لغيره وهي كثيرة و متعددة طبقاً لأهواء العابد لكنها تصب في نهاية المطاف ‘لى الشيطان ، المهم فكل ما يصدر من الإنسان لا يخرج عن دائرة العباد سواء كانت صالحة أم فاسدة ، إذاً للعبادة دور رئيس و مهم في رسم خارطة طريق حياة الفرد و كيفية إدارتها بالشكل المطلوب و الذي يتماشى مع رسالة ديننا الحنيف فعلى سبيل المثال لا الحصر الصوم فهو يجعله يروض نفسه على الصبر و الطاعة و الكف عن انتهاك المحارم و عدم ارتكاب الفواحش وهذا الأنموذج كفيل بتربية النفس و الارتقاء بها إلى مصاف الدرجات العظيمة وعلى ذكر الغريزة فإنها تكون كيفما تكون العبادة ، فإن كانت العبادة صالحة تكون الغريزة صالحة و تزرع فيه قيم الحياة النبيلة و تولد لديه شعور و إحساس تجاه الآخرين فتخلق له جو من الإخوة و المحبة و الوئام و التآلف معهم حينها يكون الفرد و المجتمع على درجة عالية من التكامل الأخلاقي وهذا كله بفضل العباد ، أما إن كانت العبادة سطحية شكلية فارغة المحتوى فإن الإنسان هنا يكون على حافة الهاوية و مُعرَّضاً في أي لحطة إلى الانزلاق في متاهات إبليس و دنياه الفاسدة فتكون الغريزة أيضاً على شاكلة العبادة السطحية فستكون عندها من السلبيات و مقدمات تفكك و انهيار المجتمع و غياب كامل لكل مبررات التكامل الأخلاقي فلا أثراً لقيم الإخوة و المحبة و التواصل الاجتماعي بين الإنسان و أخيه الإنسان و حبل المودة بينهما مقطع الأوصال وهذه كلها بسبب عدم الاهتمام بالعبادة و بالمستوى المطلوب وهذا مما كشف عنه المرجع الديني الأستاذ الصرخي الحسني في رسالته العملية وتحت عنوان ( العبادة و تكامل الفرد و المجتمع ) قائلاً : (( من الواضح أن أي غريزة تنمو و تتعمق إذا كان السلوك موافقاً لها فبذور الرحمة و الشفقة تنمو في نفس الإنسان من خلال التعاطف العملي المستمر مع البائسين و الفقراء و المظلومين ، أما لو كان السلوك مخالفاً و مضاداً للغريزة فإنه يؤدي إلى ضمورها و خنقها فبذور الرحمة و الشفقة تضمر و تموت في الإنسان من خلال التعامل و السلوك السلبي من الظلم و حب الذات )).
بقلم // احمد الخالدي