لسنا جزيرة في محيط، لننعزل عن مؤثرات محيطنا الإقليمي، وإنما نحن جزء من منظومة إقليمية نؤثر ونتأثر بها، بحكم موقعنا بين المتصارعين، وبحكم تعاملاتنا السياسية والاقتصادية معهم، وألاهم من ذلك كله توازنات القوة في المنطقة، وكل ما حصل سواء كان لأجل مبدأ أو مصلحة أم كلاهما، فقد كان يَصْب في خانة اعادة رسم خارطة المنطقة، وتوزيع مناطق القوة والنفوذ فيها، بما ينسجم مع حجوم دولها بعد الألفية الثانية، اذ هنالك دول برز نجمها، بينما خفت نجم الاخرى، وهذا يتطلب اعادة صياغة معادلات التوازن من جديد، وهو ما نشهده كل عدة عقود .
المبدأ الذي تشترك فيه اغلب دول المنطقة هو مبدأ الحفاظ على هيبتها ونفوذها، مضاف الى ذلك حفاظها على أمنها القومي، وهو امر تكثر مصاديقه حولنا، فتركيا تدخل قواتها الى العراق، رغم اعتراضنا، لتعود بعدها وتدخلها في سوريا رغم الاعتراضات أيضاً، تحت شعار الحفاظ على الأمن القومي التركي، وهو مقدم على احترام حسن العلاقة بين الجوار أو حتى تصديع هذه العلاقة، المهم هو أمنها القومي .
ايران تصرح بعد دخول داعش الى العراق، وبعد ان أشركت خبرائها في العراق لمساعدته في حربه، انها ستدخل جيوشها في اَي منطقة رخوة يجتاحها داعش، اذا ما كانت تبعد اقل من ( ٥٠ ) كم للحفاظ على الأمن القومي الإيراني، فالعراق حليف ولكن الأمن القومي الإيراني ليس أمرا ً يمكن المجاملة على حسابه، وكذا جميع دول المنطقة والعالم .
العراق أولاً شعار يخشاه الكثير، لانه قد يتسبب بفقد التمويل الخارجي والدعم الجماهيري المؤدلج، وهذا يفرض على رافعه الجرأة والتضحية ويعرضه للاستهداف، بينما غض النظر عن مثل هذا الشعار، والقبول بكل ما يأتي من خارج الحدود، قد يكسب صوتاً ولكنه يدمر وطنناً، وان كان التدمير عرضياً لا هدفاً بحد ذاته، اذ ليس من مصلحتنا ان نكون ضمن اَي محور من محاور المنطقة، لانها ستجبرنا ان نلتزم بما ليس لنا فيه من مصلحة، وسنعادي من ليس لنا معهم عداوة، بينما يجب ان يكون محورنا هو شعبنا ومصلحتنا، وحسن جوارنا مع المتصارعين أمر مطلوب، بشرط ان لا نكون ضحية صراعهم ! .
عمار جبار الكعبي