لقد خلق الله سبحانه و تعالى البشرية جمعاء و جعلها على هيئة شعوباً و قبائل و جعل فيما بينها سبل التعايش السلمي و مقدمات الحياة ومنها المودة و الرحمة و الشفقة و أردفها بمعاني التواصل الاجتماعي النبيلة وقد عزز تلك الأواصر بحبل العزة و الكرامة فكانت في قالب واحد لا يتجزأ مهما كانت رياح الفتنة و الشر و الطائفية العنصرية وهذا يخضع بمجاميع معاييره لقانون واحد لا غير هو قانون التقوى ( إن أكرمكم عند الله اتقاكم ) و بذلك يكون مسار الإنسانية متكاملاً من حيث الجوهر و المضمون، فظهرت بين الأوساط البشرية أنواعاً كثيرة من التواد و الألفة وقد تزايدت أسس النسيج الاجتماعي بين أبناء آدم ( عليه السلام ) وهذا ما أعطى دفعة قوية لتماسك هذا النسيج بفضل ما شهدته المعمورة من تقدم ملحوظ في مجال التكنولوجيا المعاصرة و الحديثة العهد وما قدمته من خدمات عظيمة في مجال تقريب البعيد من خلال مواقع التواصل الاجتماعي و غيرها وهذا ما جعل روابط الصداقة تنمو و تزدهر يوماً بعد يوم فقامت العلاقات الطبية بين الإنسان و الإنسان الآخر وفق سياقات معينة لا تخرج عن إطار الإسلام و تعاليمه المقدسة وفي المقابل وكما يُقال يُعرف الصديق وقت الضيق فكثيراً ما يقع الإنسان في المواقف المحرجة أو الناجمة عن سوء فهم لتجارب الحياة و مواقفها العابرة فتجلب له ما هو في غنى عنه من مشاكل و سلبيات حينها يكون هذا الكائن في طريق مُعَقد لا يعرف كيفية الخروج منه و بأفضل الطرق هنا يأتي دور الصديق و يُعرف حقيقة تلك الصداقة فهل كانت قائمة على الأسس التي رسمها ديننا الحنيف أم أنها بنيت على أغراض شخصية و طمعاً بما عند الصديق من زخارف الدنيا ؟ يُحكى أن شخصاً كان لديه صديقاً واحداً مقرباً منه وعندما ورث ذلك الشخص مالاً كثيراً كثر معه الأصدقاء حول ذلك الشخص وبدأ بإقامة الحفلات و الولائم و الخروج برفقة أصدقائه الكُثر في نزهات و سفرات وفي كل مرة ينصحه صديقه الأول بأن يدخر ماله لوقت الشدة و العسر لكنه لا يكترث لنصائح صديقه المخلص وعندما دارت عليه الدوائر و أصبح بين ليلة و ضحاها يشكو الفقر و الإفلاس تبخر أصحابه من حوله و تنكروا له عندما وقع في تلك الضائقة المالية و المحنة إلا صديقه الوفي و رفيق عمره فلم يتركه أبداً و وقف إلى جانبه و مد له يد العون و المساعدة و قدَّم له ما يعيد إليه كرامته و عزته عندها أستوعب هذا الشخص الدرس و تعلم حقيقة الصداقة و كيف يكون معدن الصديق ؟ ومَنْ يستحق صداقته ؟ نستخلص مما مضى أن الصديق خير رفيق في وقت الضيق فعلينا أن نحسن الاختيار .
بقلم // الكاتب حسن حمزة العبيدي