المتتبع للشأن العراقي يراه مر بمراحل معقدة وأحداث متشابكة، أنتجت فشلا واضحا في قيادة البلد طوال السنين الماضية، على الرغم من المكتسبات المتحققة التي ذابت وسط ما كان يعتري الوضع السياسي من ملفات شائكة، منها الفساد المالي والإداري والإرهاب الذي ضرب البلد، والأزمات الإقتصادية والإجتماعية التي نتجت عن هذه الإدارة الفاشلة.
الأوضاع الآن تغيرت تغييرا جذريا بعد 14 عاما من الفوضى السياسية، وإستلام دفة الحكم من قبل بعض الوجوه السياسية، التي لم تجلب الخير للبلد كما عبرت عنها مرجعية النجف الأشرف، ولأنه لم يتم الضرب بيد من حديد على رؤوس الفساد كما طالبت مرارا وتكرارا، لأن منظومة الفساد هي المتحكمة في دفة الحكم ولا ترغب وفاقدة القدرة على العقاب والثواب، ولأن منظومة الحكم التي استلمت مقاليد الأمور طيلة الفترة الماضية وقفت عاجزة، أصبح من الضرورة على الجماهير الشروع بالتغيير.
هذا التغيير قد يواجه معرقلات عديدة وقوية من المنظومة الحاكمة نفسها، التي لا ترغب فيه وابعد ما تكون عنه، لأنه سيضر بمغانمها التي حصلت عليها طيلة الفترة الماضية، محاولة قتل الأمل والإرادة في صفوف من يرغب بذلك، إضافة الى إن البعض سيرمي عملية التغيير على غيره، والاكتفاء بأخذ موقف المتفرج دون المساهمة في العملية الإصلاحية المنشودة، ناهيك عن الممانعة القوية من قبل الذين سيتضررون من عملية التغيير هذه.
بالتأكيد عملية التغيير هذه لا تقع على عاتق فرد واحد أو مجموعة محددة، وإنما يجب أن يشترك فيها الجميع أفرادا وجماعات، كل من موقعه سواء في مدرسة أو مؤسسة حكومية أو عشيرة، بل وحتى الكيانات السياسية الراغبة أن يكون لها دور في عملية التغيير المنشود، وإلا فإن الإبقاء على أفكار وتركة الماضي هو الفشل بعينه، الذي سيؤدي الى فوضى وتراجع يؤثر على جميع الأصعدة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ويجب أن يتخذ هذا التغيير منحى الأفضلية، من السيئ الى الحسن ومن الحسن الى الأفضل، على شكل خطوات متدرجة وليس دفعة واحدة، ممكن أن يؤدي الى نتائج عكسية.
لذلك علينا إتباع الأدوات الصحيحة في التغيير، وأولها اعتماد أسلوب الحكمة والتدرج في التغيير خطوة خطوة بإسلوب حكيم، وإفهام الآخرين عن نهجهم الخاطئ خلال الفترة الماضية، وذلك لا يتحقق إلا من خلال المشاركة الواسعة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، والنظر الى القوائم المشاركة في الانتخابات، وعدم انتخاب من ثبت فشله سواء كان حزبا أو كتلة أو شخصا، وهل قامت هذه الكتل والأحزاب بدورها بعملية التغيير وطرحت شخصيات جديدة، أم تمسكها بوجوهها القديمة.
إننا مقبلون على مرحلة مفصلية في تاريخ العراق، على الجميع أن يشترك فيها من اجل رسم ملامح جديدة لهذا الوطن، تتظافر فيها جهود الجميع من اجل تحقيق الهدف المنشود، يكون عنوانها التغيير وتسليم الدفة الى وجوه جديدة تسير بسفينة الوطن الى بر الأمان، وإزالة رواسب الماضي التي تراكمت، بفعل الوجوه التي لم تجلب الخير للوطن.
ثامر الحجامي