بن سلمان يفضح ال سعود

جمعة, 03/02/2018 - 10:11
بن سلمان يفضح ال سعود

أجرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مؤخراً مقابلة مع ولي العهد "محمد بن سلمان" حول الأوضاع داخل المملكة وفي عموم المنطقة.

وقال بن سلمان في هذه المقابلة "إن التغييرات في السعودية هي علاج بالصدمة لاجتثاث الفساد ومكافحة الكسب غير المشروع".

وأضاف "إذا كان لديك جسد مصاب بالسرطان في كل أعضائه، هو سرطان الفساد. فعليك باستخدام العلاج الكيميائي والصدمة، وإلّا فإن السرطان سيلتهم الجسم". وتابع "إن المملكة لن تتمكن من تحقيق أهداف الميزانية دون وضع حد لهذا النهب".

ونحن نتساءل على ضوء ما ورد في المقابلة:

أليس في قول بن سلمان بأن التغييرات في السعودية تهدف إلى اجتثاث الفساد ومكافحة الكسب غير المشروع اعتراف صريح بأن الأسرة المالكة هي التي تقف وراء هذا الكم الهائل من الفساد وليس غيرها، لأنها هي التي تحكم البلاد منذ عشرات السنين بشكل كامل يستحيل معه ظهور فاسدين من دون رضا حكومي ومن عائلة ال سعود انفسهم.

ثم ألا يتحمل بن سلمان وابوه واخوانه انفسهم مسؤولية انتشار الفساد في البلد وهو الذي يعد أحد أقطاب الأسرة الحاكمة والماسك بزمام الامور في المملكة في شتى المجالات ومنذ عدّة أعوام.

وحينما يشبّه بن سلمان المملكة بجسد مصاب بالسرطان في كل أعضائه ويقصد به سرطان الفساد ويدعو لوضع حد للنهب المستشري في البلاد. ألا يمثل هذا الكلام إقراراً بأن العلاج بات صعباً للغاية وغير ممكن في ظل إجراءات بن سلمان نفسه؟!

والسؤال المطروح: لماذا يسعى بن سلمان للتنصل من مسؤولية تفشي الفساد ويحاول تبرئة نفسه من هذا الوضع المزري وهو الذي أشرف بنفسه منذ توليه منصب ولي العهد في منتصف العام الماضي على حملة توقيفات شملت شخصيات مهمة في الدولة وأمراء ورجال أعمال على خلفية قضايا تقول السلطات إنها تتعلق بالفساد.ثم تم اطلاق سراخهم وتكريم بعضهم.

لكن ما هو مؤكد أن هذه الحملة لم تكن لمحاربة الفساد؛ بل للقضاء على الخصوم وعلى أي معارضة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي ينتهجها بن سلمان وهو ما أكدته الكثير من المنظمات الحقوقية والقانونية ولمرّات عديدة.

والطريف أن بن سلمان ذكر في مقابلته مع "واشنطن بوست" بأن إصلاحاته جاءت من أجل إعادة تطبيق الممارسات التي تعود إلى عهد الرسول محمد (ص)، لكنه رفض في نفس الوقت مقارنته مع مؤسس المملكة "عبد العزيز آل سعود" فيما يتعلق بتعزيز الحكم، قائلاً: "لا يمكن إنتاج هاتف ذكي جديد لأن ستيف جوبز سبق أن فعل ذلك، لكننا نحاول تحقيق شيء جديد هنا".

في هذا المقطع يحاول بن سلمان تشبيه نفسه بالرسول الاعظم (ص) ويأبى أن يُقارن مع جده "عبد العزيز آل سعود". فهل يصدر هذا الكلام من شخص عاقل ويدرك ما يقول؟! أم أن إطلاق الكلام على عواهنه لاحرج فيه، لأن مثل هذا الحديث لا ضريبة فيه على أمثال بن سلمان كما يقول العارفون.

ونود أن نحيل القارئ هنا إلى ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في تقرير نشرته مؤخراً حول تفشي الفساد وتشعبه في أسرة آل سعود وفي مفاصل دولتهم، والذي جعل منهم عنواناً للابتذال إلى أن أصبحت مملكتهم أفسد بلدان العالم. إذ كشف التقرير عن تورط العديد من الشخصيات السعودية في قضايا فساد في عدد من دول العالم بينها الفضيحة الخاصة بشركة 1MDB التي تمت عبر صفقة سرية مع شركة "بترو سعودي" في البحر المتوسط، وهي عبارة عن استثمار مليار دولار اختفى منها في غضون أيام 700 مليون دولار وذهب لحسابات مجهولة بصورة عمولة.

كما يؤكد السفير الأمريكي السابق في السعودية "ويليام باتي" أن نظام المملكة استولى على الملايين من الأموال، وأن أغلب هذه الأموال تأتي من العمولات من خلال عقود الصفقات والتربح من المشاريع العامة للدولة.

وتشير التقارير الاقتصادية العالمية إلى أن السعودية لم تكن في السابق بهذا المستوى من الفساد، وكانت أموال النفط التي توضع في خزانة الدولة تصل إلى ما يوازي الموجود في كل من أمريكا واليابان وألمانيا مجتمعة. والسؤال: أين ذهبت هذه الأموال، ولماذا لايشير لها بن سلمان من قريب أو بعيد خلال أحاديثه عن الفساد والاصلاحات المزعومة؟!

وهناك تساؤلات أخرى تحوم حول ما حققته الحملة التي قادها بن سلمان بدعوى مكافحة الفساد، والتي أحدثت هزّة داخل العائلة الحاكمة. ففي الوقت الذي بدأت فيه هذه الحملة بالتراجع أو اتخاذ وجه آخر ذكرت منظمة الشفافية الدولية إن بن سلمان لم ينجح سوى في تشكيل بيئة من الرعب والخوف داخل المملكة، ولم يحقق تغييراً ملموساً من حيث الشفافية بكل ما يتعلق بميزانية الدولة.

من ناحية ثانية، وهذه طامّة أخرى أن النظام قام مؤخراً برفع مستوى مخصصات الكثير من أفراد العائلة المالكة، ما يثير الشكوك بشأن جديّة الحكومة وشخص بن سلمان في القضاء على الإسراف كحلقة واضحة من حلقات الفساد.

وتنبغي الاشارة إلى أن مزاعم بن سلمان ضد أشخاص في المملكة واتهامهم بالفساد دون أدلة محددة وما حصل من تسويات مالية ضخمة معهم والتي ظلّت تفاصيلها سريّة تثير هي الأخرى تساؤلات بشأن الإجراءات التي تطبق ضد الفساد الواسع النطاق في الدولة.

ويثير هذا الغموض القلق المتنامي بشأن إمكانية تقليص الاعتماد على واردات النفط في إدارة شؤون البلاد وإقامة مشاريع لتوفير فرص عمل للعاطلين وتحقيق قدر أكبر من الشفافية، ما يزيد من الشكوك بجدوى إجراءات بن سلمان للاصلاح المزعوم، خصوصاً وأن الغموض السياسي الذي يلف المملكة سيظل الخطر المحدق والأساسي الذي يحيط باقتصاد البلاد ولسنوات قد تطول، ولا يُعرف ما ستؤول إليه من كوارث في المستقبل.

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف