يواجه العراق إرهابا جديدا، يفوق في خطره العصابات الإرهابية والمواجهات المسلحة، راح ضحيته آلاف المواطنين، دون أن نرى أي تحركات ملموسة لمواجهة هذا الخطر، الغائب عن بال الجميع حكومة وشعبا.
خمسة آلاف ضحية لقيت مصرعها و18 ألف أصيبوا، جراء الحوادث المرورية في عام 2018 وحده.. وهو رقم كبير وخطير، يفرض على الدولة وضع الحلول المناسبة للحد من هذه الأرقام.
إحصائيات تدل على فوضى كبيرة، وعدم إكتراث بحياة المواطنين وسلامتهم، وعجز الأجهزة المختصة عن تطبيق القوانين والتشريعات، التي توقف نزيف الأرواح.
تعددت الأسباب التي أدت الى زيادة الحوادث المرورية، فالعراق شهد طفرة كبيرة في أعداد السيارات، حتى لم تعد المدن تستوعب هذه الأعداد الكبيرة، يقابلها تهالك الشوارع والبنى التحتية، وعدم إنشاء طرق جديدة تستوعب الأرقام المتزايدة، وغياب الرادع القانوني والمحاسبة، التي يجب أن تفرض على سواق السيارات المخالفين.
نظرة بسيطة الى شوارع المدن العراقية، التي يخلوا معظمها من الإشارات الضوئية والعلامات المرورية.. فترى هنالك صبيا لم يبلغ السن القانوني، يقود سيارة فارهة بأقصى سرعة دون خوف أو وجل، بينما يستمتع بعضهم بقيادة السيارة وهو يستخدم الموبايل، دون شعور بما حوله، بينما جعل بعضهم الشارع كراجا لسيارته وموقفا لصعود الركاب، تحت أنظار رجل المرور الذي لايملك حولا ولا قوة.
الغريب أن العراقيين صاروا يطلقون لقب " شوارع الموت " على بعض الطرق، بسبب ما حصدته من أرواح، لكثرة الحفر والمطبات التي فيها، دون أن يكون هناك معالجات من الجهات المعنية، يتصدر هذه الشوارع طريق بغداد الناصرية جنوبا، وطريق بغداد كركوك شمالا، ولا ننسى الطريق السريع رقم واحد الذي شهد حوادث رهيبة بسبب السرعات العالية، التي تصل أحيانا الى 200 كم في الساعة.
تؤكد أحصائيات وزارة الصحة أن هناك 100 الف ضحية بين قتيل ومصاب، بسبب حوادث السيارات خلال العشر سنوات الماضية.. وهي أرقام كبيرة تجعل العراق من أعلى الدول في أعداد الوفيات، بسبب الحوادث المرورية، التي لا يدرك أحد تأثيراتها الإقتصادية والإجتماعية على المجتمع العراقي، فما هو حجم الرعاية التي سيحتاجها المصابون بهذه الحوادث، وكم عائلة فقدت فردا منها بسبب التهور أو السرعة الفائقة.
لكي نحد من هذه الأرقام الكبيرة لابد من إجراءات مهمة، أهمها فرض القانون على المخالفين، وتحديد سن السياقة ومنع الذين لايحملون إجازات سوق، وصيانة الشوارع التي أصبحت تغص بأعداد كبيرة من السيارات، والتشجيع على النقل العام بدلا من الخاص، وإزالة التجاوزات على الطرق العامة، التي تحولت الى أسواق لبيع الفواكه والخضر بل وحتى الماشية.
لافرق بين ما فعله الإرهاب، وما تحصده الحوادث المرورية من أرواح الأبرياء، وعلى الجميع التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، ووضع الحلول المناسبة لمعالجتها، وإلا إن أرواحا كثيرة ستفارقنا ونحن نتفرج.
ثامر الحجامي