
هل هناك مفهوم لحقوق الإنسان؟
وما سنده الذي يستند إليه؟
وما العلاقة بينه وبين الإعلانات الحديثة؟
الحق – الحرية – قيمة أساسية، فهـي الأساس لصحة الشهادة بالتوحيد وشرطها وأساس المجتمع والدولة والحضارة.
فالإنسان المـؤمن لا يقرّ بوحدانية اللّـه وصدق رسوله إلا إذا كان ينطلق – كما يقول الغنوشي – من «الأنا» العـاقل الحر في لحظة وعى وحـــرية فيقول: أشهد (أنا) أن لا إله إلا اللّـه وأشهد (أنا) أن محمدًا رسول اللّـه.
الحرية ليست مجرّد إباحة أو حق ولكنها واجب من ناحية وجهاد موصول للنفس ولقوى الشر لإعلاء كلمة الحق والعدل والحـرية بالتعاون مع الآخر.
حقوق الإنسان وحرياته تنطلق من أمـرين أساسيين في عقيدته:
يحمل في ذاته تكريماً إلهياً بموجب كونه ابناً من بنى آدم.
أنه مستخلف عن اللّـه، فله حقوق لا سلطان لأحد عليها.
ولما كانت جزءاً لا يتجزّأ من الشريعة ومقاصدها وثمرة للعقائد والشعائر اكتسبت صفة الواجب وصفة الدوام وصفة المبدئية؛ فيثاب على فعلها ويعاقب في الدنيا والآخرة على تركها.
ومن حقوقه الأساسية حرية الاعتقاد وما يترتّب عليها من حـريةّ التعبير والمناقشة وممارسة العبادات والحـرية الفكرية.
لا يـــــوجد باب خاص في كتب الفقه الإســلامـي أو السيــاسة الشرعية أو غيرها من علوم الشريعة يختص بحقوق الإنسان.
فكل حق يعالج في موضعه.
مباحث الحق توضح أساس الحقوق.
مباحث الحكم ألتخييري (توضح أساس الـحريات).
مبــاحث الحكم لاقتضائي (توضِّح الـواجبات وهو ما تنفرد به الشريعة).
التطوّر
الفكرة الرومانية: الـدين خاضع للدولة.
المسيحيــة: فصل الدين عن الدولة، وتأكيد كرامة الإنسان.
حقّ الحياة والحـرية والملكية حقوق طبيعية، يكشفها العقل بعد تجــريد الفكرة من أسـاسها الديني وأصبح العقل الفطري منشأ القانون.
الفرد، بدخوله الجماعة، يهدف لتأكيد ذاته وكفالة حقوقه وليس إهدارها أو التنازل عنها، وواجب الدولة حمايتها وعدم الانتقاص منها.
.نظرية العقد الاجتماعي: وتنازل الأفراد عن جزء من حرياتهم المطلقة لإنشاء سلطة تحميهم وتنظمهم، مع بقاء باقي الحـريات بمنأى عن تدخل الدولة.
ثم انبثقت المواثيق الأولـى لحقوق الإنسان: 1215م الماچـنا كارتا، ولائحة الحقوق 1688م، إعلان الاستقلال في أمــريكا 1776م، الإعلان الفــرنسي لحقوق الإنسان 1789م، وبــاقـي دســـاتير الثورة الفرنسية.
مفهومها في المذهب الفردي:
طبيعة لا تقبل التنازل عنها ولكن لا يجبـر الإنسان على ممارستها.
قيود لتنظيم ممارستها ولكن لا تصل إلى إهدار الحق.
ذات مضمون سلبي؛ تلتزم الدولة بعدم التعرض لـلأفراد عند ممارستها ولكن لا توفرها.
فردية مـرتبطة بـالفرد، وليست جمـاعية لتجمعات مـدنية أو نقابة.
.مع التصنيع، ظهور الديمقراطية الاقتصادية والاجتماعية وبدأت تظهر آثارها في حقوق الإنسان منذ دستور 1848م في فرنسا.
. بين الحــربين، اعتـرفت دول بحق العمل، الأمن الاجتماعي
تكوين النقابات، بعض حقوق الأسرة.
. بعد الحرب الثانية: دساتير كثيرة تحتوي عل إعلانات بحقوق الإنسان
وصدرت وثائق دولية:
. الإعلان العـــالمي لحقوق الإنسان 10/12/1948م
المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان 4/11/1950م.
الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية 16/12/1966م.
الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 16/12/1966م.
. تطوّرت الحقوق من الفردية إلى الجمـــاعية – التي لا يمكن تحقيقها إلا جماعيًا كحقوق الأسرة والأقليات.
ونحو الجمـاعية في ممارسة الحقوق كحرية العبادة الجماعية.
تحوّلت الحقوق من السلبية إلى الإيجابية كالحقوق الاقتصادية والاجتماعية بفرض التزامات على الدولة بكفالة الحقوق.
تحقّق ذلك بإصدار التشريعات الاجتماعية بالطرق الدستورية وبالتدخل الثوري.
أصـدرت الدول المستقلة (ومنها الإسلامية) دساتير سايرت فيها أحدث النصوص.
ولكنها لم تتجاوز إلى إعمالها وبقيت شعارات تزيِّن الدساتير.
ولأن النظم لا تسـتورد كـــالبضائع؛ فإن التغيير الاجتمــاعي والاقتصادي والسياسي والثقافي لا يتم بمجرد النص، بعيداً عن عمليات التربية والإعلام وسائر الإصلاحات.
النظم العـريقة وضعت ضمانات عملية منها: سيادة المواد المقرِّرة لحقوق الإنسان على غيرها من القوانين:
الاعتراف بقيمتها الإلزامية أحيانًا في مرتبة أعلى من الدستور نفسه؛ فهي ملزمة للمشرع العادي والمشرع الدستوري والإدارة.
في مــــــرتبة الـــــدستور للمشرع العادي والإدارة دون المشرع العادي أو الدستوري.
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية.
