الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الإسلام دينُ عبادات ومعاملات, أكدها القران الكريم ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وقد إفتتح السيد شهيد المحراب خطبته بالاية الشريفة من سورة ال عمران : ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وأولئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ ), ليوضح إنها من التي قرنت بالصلاة والصوم, وربما قدمها في بعض الاحيان، لما لها من دور كبير في حفظ المجتمع الاسلامي والانساني بصورة عامة، من خلال تحقيق عدة نتائج .
فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر, تحقق نتائج عديدة يمكن حصرها بالحديث المروي عن الامام الباقر عليه السلام : ( إن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الانبياء, ومنهاج الصلحاء, فريضة عظيمة بها تقام الفرائض, وتأمن المذاهب, وتحل المكاسب, وترد المظالم, وتعمر الارض, وينتصف من الاعداء, ويستقيم من الاعداء ), فهي وكما جاء في الذكر فريضة يتصدى لها دعاة مفلحون, وهي سبيل الأنبياء , ومنهاج الصلحاء, لبناء المجتمع الاسلامي, وهذا يتوضح من خلال خصوصيتين مهمتين .
الحرية ، ونقصد بها حرية الفرد وحرية المجتمع، وتعتبر مفردة مهمة جدا من مفردات المجتمع الاسلامي، فحرية الفرد وتسمى بـ(جهاد النفس ) حيث يبني الانسان ارادته، بحيث تصبح حرة لا تعبد الا الله سبحانه وتعالى، والحرية الاجتماعية وهي تختص بحرية الرأي والموقف السياسي وحرية الحركة الاجتماعية .
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي خصوصية مكملة للحرية بل وتعتبر الضابط لها ، فان الحرية عندما تعطى دون وجود عامل يضبطها ويوجهها في الاتجاه الصحيح وهو اتجاه البناء والتنمية والتطوير؛ تصبح انفلاتا وفوضى وتحلل، تتحول بعد ذلك الى فساد عظيم في الارض ، نفهم من ذلك إن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هو مسؤولية اجتماعية يتحملها الفرد كما يتحملها المجتمع، والاجهزة التي تكون المجتمع لضبط القانون وتطبيقه .
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة كما أسلفنا, وقلنا أيضا أن الحرية مسالة مهمة تسندها لبلوغ بناء المجتمع الصالح, وهذا الأمر موجود فقط في الحضارة الإسلامية , والحضارة الغربية التي تفهم الحرية الشخصية بمفهوم مختلف, وترى الامر والنهي تدخل في الحرية الشخصية, بينما يرى الاسلام أن الخير في أي مجتمع من المجتمعات، إنما يتولد ويتحقق نتيجة لعملية اجتماعية، يقوم بها المجتمع لكي تنزل الخيرات والبركات ، وكذلك الفساد والشر والاذى والظلم، هو عملية اجتماعية تنشا من حركة المجتمع عندما ينحرف، من هنا تكون قضية صلاح الفرد الاخر، مسؤولية الفرد الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
· المقال مستوحى من الخطبة الأولى / الجمعة الثانية ( 6 / 6 / 2003 )
بقلم : وسام أبو كلل