للضباط دور كبير في حفظ أمن العراق، ولكن عندما يتدخل العسكري في عمل ليس من اختصاصه فسيكون تعامله بطريقة (الضابط والجندي) الموروثة من أنظمة سابقة عسكرت كل شيء.
وعندما (تعسكر) الثقافة، فهنا تحدث الكارثة، وقد حلت بالفعل بتولي النقيب (امين) إدارة وزارة الثقافة بعد أن سلمه الوزير حسن ناظم كل شيء، فلا يصدر قرار او نقل او شيء آخر الا بمباركة او توجيه مباشر من هذا الضابط الذي بات يتعامل مع وزارة الثقافة كثكنة عسكرية!
وصفت حكومة عبد المهدي بحكومة "مدراء المكاتب" وهذا ما جعلها محل تندر وسخرية، فكيف بنا ونحن نجد وزارة يفترض انها تعنى بأمور الثقافة والمثقفين، يديرها نقيب امين المكلف بالحماية فقط؟!
ماذا فعل النقيب امين؟
أول خطوة قام بها هذا الضابط هي رفع عدد سيارات موكب الوزير إلى ٦٥ سيارة، فضلا عن إنشاء موكب سيارات بديل لمعالي الوزير، الأول يتألف من عجلات رباعية الدفع امريكية (تاهو) والثاني يتكون من عجلات رباعية الدفع يابانية (جكسارة). نصف السيارات واقفة في مرآب الوزارة من دون حركة ولكن تصرف لها اجور وقود وصيانة!.. أما عن نثرية مكتب الوزير اليومية فبلغت (٥٠٠) الف دينار بواقع شهري ١٥ مليون دينار للماء والشاي فقط! ولعمري من يصرف شايا بخمسمئة الف دينار يوميا، حتى مواكب زيارة الأربعين مجتمعة لا تصرف هذا المبلغ على الشاي والماء!
هذا يقودنا إلى سؤال مهم: بعد استلام السيد حسن ناظم لوزارة الثقافة منذ ثمانية أشهر، ما هو وضعها اليوم؟.. انشغل السيد الوزير بمماحكات شخصية ونسيّ أوضاع الثقافة والمثقفين، وابرز تلك المماحكاة ما حدث مع صديقه النجفي (ابن ولايته) الدكتور منتصر والذي جاء به الوزير حسن ناظم مديرا لمكتبه ، ولكنه أنهى تنسيبه بعد أشهر قليلة لعدم مطابقته لمزاج السيد الوزير ومخالفته لقراراته الغريبة !
يطلّ علينا معالي وزير الثقافة كل ثلاثاء ليبشرنا عن الجديد في خطوات مكافحة الفساد ومحاربته، لكنه هو شخصياً رعى الفساد في وزارته وتركه يعشش ويتغول اكثر، فعوض ان يضع حدا لفاسدي الوزارة ومتهميها، صار عونا لهم وأعاد منظومة الفساد (القانونية) السابقة ذاتها وسلمها مفاصل مهمة، ووقف بالضد من لجان الوزارة التحقيقية بهدر الأموال والآثار ومن تلك القضايا قضية المتهم بالفساد (علي حميد) المفتش السابق والمختلس السارق، والذي وهب لمسؤولين في هيئة النزاهة استخدام شقق الوزارة السكنية بغية تأمين نفسه من المحاسبة والملاحقة القانونية.
وفي قضية اخرى، اكملت لجان تحقيقية شكلها وزير سابق عملها وأدانت المتهم (علي حميد) بتهم كفيلة بسجنه، والمستجد الاغرب في هذه القضية، بطله الوزير حسن ناظم الذي القى طوق النجاة لهذا الفاسد وبتوصية من رائد جوحي مدير مكتب رئيس الوزراء كون الاخير تربطه صداقة مع المتهم (علي حميد) بحكم عملهما كمفتشين في الثقافة والدفاع، وجوحي نفسه من سهل لعلي حميد عملية شراء منصب وكيل وزارة التعليم العالي للشؤون المالية والإدارية وبمبلغ قدره (مليون دولار فقط!).
من إجراءات الوزير حسن ناظم، إنهاء عمل لجنة التحقيق وعزل مدير الشؤون القانونية وتعيين احد المقربين من المفتش السابق والمتهم بقضايا فساد كبرى. لم يتوقف الوزير عند هذا الحد، بل يحاول ان يجهز على الثقافة َالمثقفين من خلال تمكين الفساد والفاسدين، إذ اقدم على الكشف عن سرية لجنة التحقيق بشأن مخالفات خطيرة اخرى نسبت للمتهم(علي حميد) مفتش الوزارة السابق عبر تسليم الملف إلى أحد أقرباء المتهم بحجة انه (مشاور قانوني)!
وأي سطوة يتمتع بها علي حميد هذا، فأحد ملفات الفساد الذي يحاول الوزير حسن ناظم إغلاقه ورميه بين اكداس ملفات الفساد المسكوت عنها، هو منح المدعو علي حميد شققا فخمة واقعة قرب المنطقة الخضراء وإهداءها لبعض مسؤولي هيئة النزاهة ومنهم مديرعام الادارية السابق فيها، والذي يشغل حالياً مدير عام الدائرة القانونية في وزارة التعليم العالي مقابل السماح له بالاستمرار في السرقات، يذكر ان قانون الوزارة يمنع استغلال تلك الشقق لأشخاص من خارجها، ونقل خدمات المسؤول في هيئة النزاهة الى وزارة التعليم الحالي تم بتنسيق مع علي حميد ورائد جوحي.
الخطوة الكبرى، والمهزلة المضحكة، والتي يبدو أنها تصب في ذات الهدف، وهو القضاء على الثقافة ومحاربة المثقفين، فاليوم وبظل الوزير حسن ناظم يعاني فنانوا العراق ومثقفوه من سوء التعامل، وهذا يتجلى من خلال الطوابير التي تقفها شريحة المثقفين أمام مكتب الوزير بإنتظار توقيع معاليه المبجل، فوزير الصدفة يتميز بتأخير البريد اليومي لأسابيع طويلة، ووصل حد الاستهتار في عدد من المرات انه اخّر البريد اكثر من ثلاثة اشهر، متجاهلا حقوق الموظفين ومعاملاتهم المستعجلة، ولا عجب في ذلك طالما يقود الوزارة (رومل العراق) النقيب امين!
أسعد الموسوي