في ظل الانقسامات بين الأنظمة العربية لأسباب سياسية واقتصادية وانعكاسها على مواطنيها حسب البلد الذي يعيشون به ومن جهة أخرى التفاوت بينها وبين الأنظمة الأوربية والأمريكية بمجال حقوق الإنسان بسبب إصدارها تقييم للواقع الحقوقي بالدول العربية والشرق الأوسط وشمال إفريقيا وغيرها من دول العالم.
ومن خارج نطاق الأمم المتحدة وتوجيه انتقادات من الدول المتطورة بحقوق الإنسان كالسويد وكندا وغيرها بأي انتهاك أخذ بعد إنساني كبير بالدول العربية.
ومن هنا نطرح عدة إشكاليات تحتاج لمعالجة تؤدي لتخفيف الانقسامات والبحث عن قواسم مشتركة بين الدول العربية ومن جهة أخرى التأثير الايجابي على التقييم الأوربي والأمريكي لحقوق الإنسان بالدول العربية والشرق الأوسط وشمال إفريقيا وغيرها ونطرح دور موازي وفعال للدبلوماسيين الرسميين للدول والأمم المتحدة من خلال دور المنظمات الدولية لحقوق الإنسان الغير حكومية في ظل غياب ميثاق جامعة الدول العربية من مواد تتعلق بحقوق الإنسان والمجتمع المدني.
وهذه الدبلوماسية الموازية تفوق دبلوماسية الجمعيات الحقوقية والمجالس الوطنية والشبكات الحقوقية وبعيدا عن التسييس والأجندات حيث تأخذ شكل دبلوماسية حقوقية دولية غير حكومية ومتطورة بسبب الدور والمجال الواسع لها ضمن الدول العربية والأوربية والأمريكية وتواجدها ومشاركتها بأروقة الأمم المتحدة وسنتطرق للدبلوماسية ، وإشكالية دور المنظمات بالدول العربية ، وآلية عملها وآثارها ، والنتائج.
ما هي الدبلوماسية:
هي طرق تسيير المصالح الخارجية للدول ورعاية مواطنيها وعلاقات الدولية بموجب القوانين والمعاهدات الدولية و لحل الخلافات بالحوار وبطرق سلمية وإبعاد خطر الحروب والتعاون الاقتصادي وحماية سيادتها عبر الأمم المتحدة وميثاقها.
إشكالية دورها بالدول العربية:
رغم إشكالية تواجدها في الدول العربية بسبب هواجس الأنظمة وخلط مفاهيم حقوق الإنسان بالمطالبة تحت شكل سياسي ومعارض ومن جواز التدخل لأسباب إنسانية حسب القانون الدولي وحرص الدول على عدم انتهاك سيادتها فعند الترخيص القانوني لفروع لم يعد هناك تدخل بالسيادة الوطنية ولا سيما القائمين على العمل يحملون جنسيات بلدانهم.
فارتباط حقوق الإنسان بالدبلوماسية هو تطور أخلاقي من خلال بذل الجهود الدولية عبر القنوات الدبلوماسية والأمم المتحدة من أجل ترسيخ احترام حقوق الإنسان.
وإذا كانت الدول ترى أن استغلال هذا الموضوع من أجل الابتزاز من الدول الكبرى عن طريق حقوق الإنسان وإرسال المبعوثين ولجان التحقيق فعليها التحصين بالمنظمات الدولية الغير حكومية بفروعها لديها حتى لا تظلم وتستغل وتنتهك سيادتها.
فغالبية المنظمات الحقوقية الدولية الغير حكومية تتجه نحو إنشاء فروع لها في كل دول العالم سواء عن طريق مكاتب إقليمية أو فرعية ففي الدول الأوربية لا تواجه مشكلة في الترخيص القانوني ولا بالعمل وهنا تنجز نصف المهمة ويبقى النصف الآخر لدى الدول العربية والتي تخشى الترخيص ودخول فروع للمنظمات الحقوقية الدولية الغير حكومية خشية رصد انتهاكات حقوق الإنسان فيها رغم أن هذه المنظمات تعين مديرا لها من جنسية الدولة التي يتواجد فرعها لديها وترخص وفق القانون الوطني لتلك الدولة وضمن الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها هذه الدول والبعض منها دساتيرها تسمو فيها الاتفاقيات الدولية على القانون الداخلي.
عادتا ما يكون المقر الرئيسي للمنظمات الدولية الحقوقية الغير حكومية مرخصة بدولة أوربية أو أمريكية ومن هنا يأتي دورها فعند افتتاح فروع ومكاتب لها في الدول العربية والشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومن جنسيات هذه الدول فإنها بذلك تحقق انسجام مبدئي بين أعضاء هذه الفروع وانتماءهم للمنظمة الأم والتعاون في ما بينهم إلى جانب مهامهم الأساسية بحماية حقوق الإنسان ونشر ثقافتها والتعاون مع دولهم بذلك ومع أعضاءها بالدول الأوربية والأمريكية تصبح شبكة علاقات من جميع الجنسيات من أشخاص ينتمون لحقوق الإنسان والمبادئ والنزاهة والمواطنة لبلدانهم وكلآ منهم يحمل ايجابيات وسلبيات حقوق الإنسان وتطورها ببلاده من أجل إيجاد الأفكار البناءة بذلك مع طرح المشاكل السياسية لبلدانهم كمثقفين وتطوير العمل المشترك بين هذه المكاتب والفروع على مستوى العالم وتبادل الحضارات وتفهم واقع كل بلد بواقعه لا يجاد الحلول المناسبة.
ومن هنا يبدأ دورهم كفروع منظمات دولية بالدبلوماسية الموازية لتقريب وجهات النظر وتحسين العلاقات وكسر الجمود تمهيدا للقاءات الرسمية بين الدول ومن جهة أخرى دورها بتوضيح الحقائق في مجال حقوق الإنسان بالايجابيات والسلبيات عبر تقاريرهم الدولية والتي ستؤدي للتخفيف من حدة التقارير من قبل الدول الأوربية والأمريكية وتشجيع الدول على توقيع المعاهدات الدولية وتحسين علاقاتها على المستوى الدولي ومن جهة أخرى تعمل على الجانب الثقافي بين شعوب هذه الدول من كل أطيافها وامتداد جسور الثقافة بين جميع دول العالم وعلى مراحل من خلال تبادل الزيارات المشتركة للمجتمع المدني وحقوق الإنسان وترسيخ مبدأ التعايش والتسامح ونبذ العنف وفكر التطرف والإرهاب.
وبالنتيجة هذه المنظمات الدولية لحقوق الإنسان الغير حكومية وفي ظل عدم كفاية دور الجمعيات والمجلس الوطنية وغيرها ستقوم بدور أكبر وستفتح المجال واسعا وتمهد الطريق للدفاع عن القضايا العادلة لهذه الدول ضمن آليات تمثيلها وتقاريرها للأمم المتحدة وتعاونها مع المنظمات الدولية بداخلها ورفع الظلم وإظهار الحقائق من خلال تشكيل لجان تحقيق مشتركة الحقائق ومن جهة أخرى حماية مواطنين هذه الدول وعدم تأثرهم بالخلافات السياسية بين الدول وبالإضافة لاعتماد عدة مصادر لتقييم حقوق الإنسان بهذه الدول بطريقة معتدلة وواقعية فغالبا ما تقوم بعض الجمعيات بتقارير غير صحيحة لأسباب سياسية كون أصبحت بعض الجمعيات بالعالم العربية تتبع أحزاب سياسية وبالنسبة للمجالس ووزارات حقوق الإنسان أقرب لحكوماتها بالتقييم أو تقارير منظمات دولية كبرى معروفة بتسييس القضايا والتي زادت الخلافات وقد تؤدي لحروب بين الدول.
وهنا برأينا يأتي دور فروع ومكاتب المنظمات الدولية لحقوق الإنسان الغير حكومية بالفصل بين تناقض هذه التقارير من خلال آليات عملها على أرض الواقع من جهة ومن جهة أخرى خلال آليات عملها الدولية عبر المنظمة الرئيسية وتواصلها مع الأمم المتحدة ومنظماتها التابعة لها من أجل إرساء السلام وحماية الإنسانية وكذلك لا تزال الدعوة من أجل تشكيل محكمة عربية لحقوق الإنسان أسوة بالأوربية والأمريكية والأفريقية فالبدور الناجح وتسهيله للمنظمات الحقوقية الدولية الغير حكومية قد نصل على مراحل وسنوات لإنشاء محكمة حقوق الإنسان الدولية على مستوى العالم ينظمها قانون جديد ومعاهدة دولية جديدة تنضم وتوقع عليها كل دول العالم.
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية.