" إن الثورة التي بلا وعي, أو في ظل ثقافةٍ تخاصم العصر، لا تلبث أن تصير فورة." ياسر ثابت/ كاتب وصحفي مصري.
تراكمت الأزمات في العراق, وانعدمت الخدمات وتفشت البطالة, وتفاقم الفساد, لأسباب عدة منها, الصراع السياسي على المناصب, وعدم محاسبة الفاسدين, إضافة لغياب القدوة والكفاءة لإدارة البلد.
بعد اليأس من المطالبات الهادئة, انطلقت احتجاجات سرعان ما بدأت جذوتها بالاشتعال, وتصاعدت وتيرة المطالب, فدخل مندسون على خط التظاهر, الذي بدأ سلمياً, لتقوم مجاميع بخلق فوضى عارمة, وتصدٍ غير محسوب النتائج, من قبل القوات الأمنية, راح ضحية مئات الشهداء من الطرفين, وأُحرِقت دوائر حكومية ومكاتب سياسية, وقطعت طرقٌ خارجية وداخلية وعطلت الدراسة.
دخل العراق بفراته الأوسط وجنوبه, في حالة من الفوضى, وصلت الشعارات لإسقاط النظام, ومن أجل امتصاص الغضب الشبابي, الذي تحول لنقمة متصاعدة, فقد تم الاتفاق على تغيير قانون الانتخابات, والاتجاه لانتخابات مبكرة, لإطفاء نيران الفتنة, وتفويت الفرصة على من أراد, أن تكون تتطور تلك الاحتجاجات, إلى حرب أهلية يتقاتل فيها الأخوة.
صورة قاتمة تغيرت فيها الحكومة, للتأهيل لانتخابات مبكرة, وتحديد موعدها, فتم بعد صراع مرير, تشرين الأول موعداً للاقتراع الشعبي, إلا أن بعض الجهات السياسية, تتحجج تارة بعدم توفر الأمن, وأخرى بعدم توفر الوعي, إضافة الى من اتخذ من التسقيط السياسي؛ طريقاً لغش المواطن العراقي, وإحباط معنوياته من خلال, التشكيك بنزاهة الانتخابات.
جاء انعقاد المؤتمر الرابع, لمنظمات المجتمع المدني, مع أحداث ساخنة, وقد جاء في خطبة السيد عمار الحكيم, وضع أسس وتوصيات, حول التوعية الشعبية, للمشاركة الواسعة في الانتخابات المبكرة, وعدم الانصياع لأبواق الفساد, التي تشكك بنزاهة المفوضية, عملية الاقتراع, من اجل كسر همة
المواطن.
نحن لعراقيون الذين قاسينا من الفساد, وبلدنا مفتقر للخدمات, علينا أن نعي كيفية الاختيار, شخوصا وبرامج, وتحديد البوصلة الوطنية من غيرها, ولا نكتفي بالصراخ بعد كل انتخابات, فمن يريد التغيير والإصلاح, عليه أن يجيد الاختيار, ولا يعتمد على الوعود الكاذبة والشعارات الزائفة.
" في عصرنا لا يوجد شيء, اسمه بعيدا عن السياسة, كل القضايا هي قضايا سياسية" جورج أور ويل/ صحفي وروائي بريطاني.
سلام محمد العبودي