منذ ان برز السيد عمار الحكيم على الساحة السياسية والى اليوم، لم يُسمع له اي خطاب طائفي او دعوى للفرقة, او مشروع خارج حدود الدولة, او السعي لتشكيل مليشيات مسلحة، لتهديد خصومه او لاستعراض قوته.
طالما كان خطابه وسطياً معتدلاً، يدعو للوحدة والتماسك وبناء الدولة، يسبق الاحداث قبل وقوعها، فما كانت "انبارنا الصامدة" الا مشروعا لوئد الفتنة والحد من تفشي الارهاب، وما كانت "التسوية الوطنية" الا مشروعا يؤسس لبناء الثقة المتبادلة ونبذ الطائفية والفرقة، وتصفية الحسابات، وتثبيت الأسس الوطنية، ومد الجسور بين التقاطعات السياسية، تقوم على اساسها العلاقة الوطنية لزرع الثقة بين المواطن والدولة، والسياسيين بين بعضهم البعض الآخر، بصورة علنية بعيداً عن كواليس السياسة والاتفاقات السرية، كما حدثت بين بعضهم في الانتخابات السابقة، لذلك كان الرجل الهدف المباشر للاستهداف من قبل خصومه السياسيين، بعيداً عن شرف الخصومة خوفاً من نجاح المشاريع الوطنية التي يطرحها.
هناك من زعم ان الجماهير التي التقت به في المحافظات الغربية من البلاد هي تنظيمات تيار الحكمة، وهذه بحد ذاتها شهادة لنجاحه ونجاح مشروعه، وقدرته على اقناع الجماهير في المحافظات الاخرى بمشروع تيار الحكمة الوطني، واستقطاب الجماهير دون غيره من السياسيين، اللذين لا يجرؤون على وضع اقدامهم في تلك المحافظات.
اما اذا كانت تلك الجماهير ليس لها اي انتماء سياسي مع الحكيم، فهذا نجاح آخر يحققه الحكيم دون غيره، حيث كانت كلمات استقبالهم، وعبارات ترحيبهم فيه مملوءة بالصدق والاحترام، وحسن الاستقبال وكرم الضيافة من ابناء تلك المناطق، حتى وان كان البعض يعتبرها جولات انتخابية، فهي نجاح بحد ذاته ان يكون مقبولاً الى هذا الحد، في مناطق لا تحتسب ضمن نفوذه، وجماهيرها خارج انتمائه المذهبي.
الحكيم ليس دخيلاً على السياسة أو من صبيانها، او من اللذين ما زالوا لا يفقهون ابجدياتها، فهو ابن قادتها وربيبهم وتلميذهم اللبيب، وله تاريخ مرجعي وسياسي مشرف يشهد لها القاصي والداني.
كان وما زال يتحدث ضمن الفضاء الوطني، ولم يتحدث في يوم ضمن الطائفة او القومية، وما زال يحاول جاهداً بناء تحالف عابر للمكونات، يجمع فيه الوان الطيف العراقي والمكوناتي، لزرع الثقة بين الجميع، على الاساس الوطني لا على الاساس المذهبي والمكوناتي، لكنه وبسبب اعتداله ووسطيته، وعدم امتلاكه آلة التهديد وقمع الخصوم، او العب على الحبال, او نقض العهود, اصبح الهدف السهل امام اتباع الاحزاب المنافسة، والباحثة عن موطئ قدم في العملية السياسية من باب، ودفع الشارع العراقي باتجاه الحكيم ليكون مرمى النار، لتأمين انفسهم من مهاجمة الشارع العراقي لهم، فتراهم بين الفينة والاخرى يفترون عليه بشيء غريب ومكذوب، ويسوقونه اعلامياً للنيل منه وابعاد الاعين عنهم، لكنك اذا بحثت عن تلك الاكاذيب لا تجد لها اصلاً في الواقع.
ثقة الحكيم بنفسه وبالجماهير، هي من جعلته يطوف المحافظات العراقية بكل ثقة، بدون طيارات خاصة ومواكب السيارات الفارهة، والحمايات المدججة بالسلاح وقطع الطرقات وارباك الشارع،.
فهو يمتلك الجرأة والشجاعة في حركته داخل المحافظات الغربية، وثقته العالية بالجماهير ومشروعه الوطني، مع عدم التنازل عن دينه وعقيدته وحقوق ابناء وطنه، فما كان وقوفه في مسرح جريمة سبايكر، الا رسالة واضحة المعالم "اننا لن ننسى انا قتلنا هنا ظلماً وعدونا, وان في هذا المكان استبيحت دماء ابنائنا الابرياء امام انظار العالم الذي لم يحرك ساكن اتجاه تلك الجريمة البشعة ضد الارهاب, وان علاقتنا بأبناء شعبنا قائمة على ارجاع الحقوق وتلبية المطالب وتحقيق الواجبات، وان هناك فاصل كبير بين الارهاب وابناء شعبنا" وهذا ما عزز ثقة الجماهير به وبمشروعه الوطني، لم يستعطف الجمهور من خلال حركات فارغة دعائية، او تصريحات طفولية، بل كسب الجماهير من خلال خطابه الوطني المعتدل، المبني على الثقة بالنفس وصدقه بمشروعه السياسي, اصبح ثقة عند الجماهير والسياسيين, فهم الاكثر من غيرهم معرفةً به في التزامه بالعهود والمواثيق التي يقطعها مع الآخرين.
رضوان ناصر العسكري