لا نطالب الأعداء بالكف عن تدبير العذابات لأمتنا وللعالم والبشرية والإنسانية ، لكن نطالب الحلفاء الشرفاء الذين خُدعوا مرارا ، بالكف عن الحلم وسعة الصدر ..!؟

أربعاء, 08/11/2021 - 17:41

أحداث إقليمية ودولية متتالية ، برسم وضع خرائط سياسية وإقتصادية وعسكرية نوعية جديدة ، فمن قمة ما أطلقته على نفسها قمة الديمقراطيات ألـ 7 الكبار ، وسعيها لمزيد من الهيمنة على الدول الفقيرة باستخدام مطاعيم كورونا مدخلاً جديداً للهيمنة ،وفي آن تحميل عالم الفقراء "الجمايل " دون كبير جدوى أو إستحقاق ، وفي آن محاولة تطويق المطاعيم الأخرى الروسية والصينية والهندية وغيرها ، للتحكم  بهذا السوق استثمارياً وإعتبارياً معنويا . 

والحدث الإستراتيجي الآخر ، قمة بوتين بايدون ، والتي تبدو لوهلة مقدمة أو طريقة لإقتسام مناطق النفوذ في المنطقة والعالم ، وتبريد مناطق صراعٍ بعينها ، لكن الحقيقة غير ذلك غالباً ، حيث (تعترف) واشنطن موضوعياً ؛ أن جبروتها ما عاد قادراً على التحكم بالعالم منفرداً ، فهي تعاني في الداخل من إنقسام مجتمعي حاد على غير صعيد ، ينذر بتفككها ، اتحادياً وطبقياً وعنصرياً ، ومن جهة أخرى لم يعد الإتحاد الأوروبي الحديقة الخلفية الضامنة ، لا للدولار ولا للنيتو وسط ضعفه في معالجة أزمات دُوَله وصراعات بعضها ، وعدم القدرة على ردع روسيا في أوكرانيا .. و شبه جزيرة القرم وأخيراً في المتجمد الشمالي ، رغم التحشيدات العسكرية الكبيرة حتى عظام رقبة روسيا .. وما ظهر في أزمة وباء كورونا من ثغرات معيبة في الإتحاد الأوروبي ، جعلت الصين وروسيا أقرب إلى ايطاليا من " الشقيقات " دول الإتحاد ، وخروج بريطانيا منه . 

إلى فوز الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد ، بولاية جديدة ؛ بنسبة كبيرة ، رغم حصار إقتصادي أمريكي غربي خانق لسورية ، وفي ظروف إحتلال أمريكي كردي انفصالي ، وآخر تركي توسعي طامع ؛ إرهابي فلولي تابع يعاني من أزمة وجودية ؛ فلا هو قادر على البقاء طويل الأمد ولا الفرار ولا التمدد .. ولا العودة المكانية الى دولة الممر والممستقبل والمصدر  ؛ تركيا ، فيما تركيا تماطل وتخاتل روسيا وإيران فيما يُتّفق عليه معهما ، وهي مخاتلة لا يمكن أن تستمر طويلاً ، وليس لها أن تستمر، ولا بد أن يأتي موقف حسمها وجزرها ، رغم المصالح الجيوسياسبية التي قد تتضرر ، سواء لروسيا أو لإيران في حال استمرت المخاتلة والمماطلة والخداع. وتقرر الحسم الذي يبدو أنه لا بد قادم ، رغم ما ينطوي عليه من كراهية .. لكن مخاتلة تركيا وعصاباتها المتبقية تجعل منه خياراً كريها لا بد منه ، أقل كلفة من الصمت على الغدر التركي المتأصل المستمر .  

وأخيراً جاء المحافظون في إيران بفوزِ أشد مرشحيهم عزماً تجاه الإمبريالية العالمية ( قوى الإستكبار ) بمنصب الرئاسة إبراهيم رئيسي بولاية تمتد لـ 4 أعوام جديدة .. وربما أطول ، وسط جملة غباءات غربية أمريكية بالمراهنة على إنتفاضة الداخل الإيراني على ثورته التي أطاحت برجل أمريكا في ايران والخليج ، وإذا بهذا الشعب يأتي بالأكثر تشدداً بمواجهة الحصار والعنجهية الأمريكية الغربية الصهيونية ، دون أن يفهم هؤلاء أن المزيد من التضييق على إيران يساعد على تجوهر الموقف الإيراني ، ( كما هو الموقف السوري الذي أصبح أكثر تمسكاً بخياراته الوطنية وبرئيسه ) الداعم للاعتماد على الذات ، كما حدث في كل سنوات الحصار والحروب التي أفتعلت في المنطقة ، وسلسلة الاغتيالات التي نفذت ضد علماء ايران والعراق وسورية ومصر والجزائر ..  وهي أي الحصارات لم تثمر انتصارات للغرب وإن (أثمرت )أذى ودمارا وشقاقات ، لكنها أثمرت أيضاً يقينا لدى شعوب المنطقة بأن الغرب لا يريد خيرا لها ؛ شعوبا وأنظمة ودولاً ومستقبلا .    

بكلمات لا ينخرط الغرب وفي مقدمته واشنطن والصهيونية في المسالمة إلا بإلحاق أشد الهزائم بهم ، وهي الهزائم التي لم تستكمل بعد لتحيط بهم من كل جانب ، والتي مقدماتها ستضع التردد الروسي أو ( سعة الصدر ) أو طول الحيلة أو الحلم .. او المصالح الحاكمة أمام محك اختبار شديد جديد فـ ( هؤلاء الشركاء ) في أنقرة وواشنطون ولندن وباريس وتل ابيب ومن يتبع من عفاريت صغار ؛ لا ذمم لهم .. ولا يراهن عليهم ، وهم ليسوا في وارد سلم عالمي أو عدل أو استقرار ، أو كف عن حروب ، او تدبير انقلابات فاشية رجعية دموية حيناً وبرتقالية تابعة عميلة أحيانا .  

لا نطالب الأعداء بالكف عن تدبير العذابات لأمتنا وللعالم والبشرية والإنسانية ، فذلك دأبهم ومصدر ديمومتهم .. ولكن نطالب الحلفاء الشركاء الشرفاء الذين خُدعوا مرارا ، بالكف عن الحلم وسعة الصدر .. فهم أعداؤهم اكثر مما هم أعداؤنا .. 

محمد شريف الجيوسي  

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف