ما وقع في تونس سبقه تخطيط لشهور خلف الكواليس ، تجمَّع خلال نفس المدة ما يُنجِح تنفيذه على مراحل وبكل المقاييس ، أولى تلك المراحل لا تتعدى الثلاثين يوماً يُطلَقُ عليها مرحلة قاعدة التّأسيس ، يتم فيها ترسيخ دواليب الحكم وإبعاد كل إبليس ، مهيّأ ملفّه بعناية مخابراتية تتضمَّن ما أنتجه من دسائس ، لحصد مغانم بنية التكديس ، ليوم لا مكان فيه لأي مُفلس ، داخل لوبيات اخطبوط أحد أذرعه مقره الحالي قي باريس ، التخطيط رباعي المصدر أما التنفيذ أضاف للعدد الطرف الخامس ، عربي السمات للتخلُّص من بقايا تركة الإخوان متحمِّس ، طبعاً القيادة ممنوحة لنفس الرئيس ، لإبعاد مُسبقاً أطماع الظانين (حتى الساعة) قدرتهم على فرض المتاريس ، ليتحوّل الهدوء المُلفت للنظر إلى تكريس ، فتنة ظلّت نائمة منتظرة إشارة مسؤول حزب تقهقر خلف وضع يائس ، مَن تُرِك في الهواء الطّلق مصدوماً بلا أنيس ، غير حاكم دولة في الخليج يفاوض على إخراجه من مصير تعيس ، صوب أي دورٍ يلعبه كالأَفْرَسِ الفارس ، حفاظاً على دم الوجه متمتعاً بلقب الرائد حيال أصدقاء نضال الأمس .
تأخَّر مَن تأخَّر في نشر سيطرته الكلية على تونس مؤسسات عمومية ومختلف مكونات الشعب ، اعتقاداً أن رئاسة البرلمان وسيلة متقدِّمة لضبط أهداف على فترة زمنية معيَّنة ، ينهار خلالها ممَّا يجعل تونس معرَّضة لقبول اقتحام مناهج ، تخدم قِوَى تنطلق من الخليج
، المكوّنة على مواعيد متلاحقة للالتحام في حلف جديد تقوده إيران بتوافق مرحليّ مع تركيا ، لإيقاف مستجدات السياسة الأمريكية الصاعدة لمستويات غير مسبوقة ، تجعل إسرائيل وحلفائها الجدد وإفريقيا بجل دولها
، خلفية ممارسة ضامنة لتوسع النهج الأمريكي المؤسَّس على المزيد من التفوُّق والرفاهية والتدخُّل المباشر لمواجهة المد الصيني في الدرجة الأولى، ثم الطموح السوفيتي في الدرجة الثانية ، ومن هنا يتَّضح أن الصراع المستقبلي المنطلق حاليا من تونس ، أكبر من حصره في تشتيت تجمعات الإخوان المسلمين من
أي موقع جغرافي عَبر الاتجاهات الأربع ، وإنما لتكريس إبعاد متمّمي ميزان هيمنة البعض في الشرق بغطاء ديني على ما يعتبره الغرب خط أحمر بحراسة غير مباشرة للولايات المتحدة الأمريكية.
مصطفى منيغ
سفير السلام العالمي