بقلم سعد أحمد الكبيسي
بالأمس ذهبت للمرة الثانية الى العاصمة بغداد ، وفي طريق العودة مررنا بمدينة الفلوجة ، ونزلنا عند أحد محلات المرطبات فجلسنا نتجاذب أطراف الحديث وكان معي الأخ الدكتور م. العيثاوي، فدار الحديث حول عمه نايف الرشيد (أبو زعيّان) الرجل الحكيم رحمه الله . يقول الدكتور مالك : كان عمي يوصي ويقول (الّي ورثته من ابيك ومن جدك ... إذا متزوّد عليه لا تنگصه) . وفي الحقيقة هذه أكبر من جملة عابرة ، وأبلغ من توجيه ، وأعمق من إرشاد، إنها قاعدة عامة لكل الحياة ! ليتنا نتصرّف على أساسها في كل مجالات الحياة ، خلاصتها : إن لم نستطع أن نجعل الناس يقولون للواحد منا : رحم الله من رباك، فعلى الأقل لا يقولون: لعن الله من رباك .
وأذكر أنّي قرأتُ قصة مشابه لما تكلم به الشيخ العارفة ابو زعيان رحمه الله وانا انقلها هنا من أجل الفائدة .
حضرَ بوّاب المدرسة باكراً ليجد كتابات على الجدران الخارجية ، فاتصل بالمدير الذي كان في طريقه إلى المدرسة، فأخبره المدير أنه سيصل عما قليل وسيعرف حتماً من الفاعل… وصل المدير وقال للبواب : حتماً الفاعل أحد طلاب المدرسة .
قال له البواب : ما الذي يجعلك متيقناً إلى هذا الحد سيدي المدير؟!
قال المدير : لا أحد له مصلحة بفعل هذا ، ثم هذا الفاعل الغبي لا يعرف أننا وضعنا كاميرات مراقبة دون أن نخبرهم بالأمر، سترى كيف أنه أحد تلاميذ المدرسة !
بالفعل عاد المدير إلى تسجيلات كاميرات المراقبة وسرعان ما تبيَّن له صدق حدسه ، انّ الفاعل أحد طلاب المدرسة !
استدعى المديرُ الطالب، وجعله يشاهد نفسه وهو يفعل فعلته، ثم اتصل بولي أمره، وحضر الأب، واستمع لكلام المدير وشاهد التسجيل دون أن يتلفظ بحرف واحد، غير أنه أخرج هاتفه واتصل بشركة الدهان وأعطاهم عنوان المدرسة، وطلب منهم أن يعيدوه أجمل مما كان على حسابه ، ثم قال للمدير : سيدي المدير أعدك هذا الأمر لن يتكرر، والتفتَ إلى ابنه وقال له : إذا ما قدرت ترفع راسي لا توطيه!! وقف المدير ومن حضر من المدرسين مدهوشين من تصرّف الأب، أما الابن فبكى بكاءً مراً وقال : ليت أبي ضربني أو قتلني ولم يقل لي تلك الجملة ! انتهى
فيا شبابنا الأعزاء :
الله الله في سمعتكم وسمعت أهاليكم ، لا توطّون رؤوسهم وتنكسوها في المجتمع، فالإنسان إذا ذهبت سمعته لا ينفعه مال الدنيا كلها، لا تبحث عن الشهرة والظهور بين أصدقائك على حساب سمعة أهلك . وإن لم تستطع أن تكون نموذج جيد عنهم بأخلاقك، فلماذا يجب أن تكون نموذج سيء تُنفر الناس وتجلب المسبة والذم لمن ربوك وتعبوا حتى اوصلوك، لماذا لا نكفي خيرنا وشرنا وننشغل بأنفسنا ؟!!