صباح الزهيري
البارحة أثناء حوار مع احد الأصدقاء , قام بأستخدام كلمة التثويل (اعجبك بالتثويل) , هذه الكلمة استخرجت من خزين ذاكرتي حادثة مهمة .... خلال فترة الحصار الظالم على العراق في أواخر التسعينات من القرن الماضي , كنا في أجتماع في مكتب المرحوم الأستاذ طارق عزيز نائب رئيس الوزراء , حضره السيد طاهر الحبوش مدير المخابرات والدكتور حسن عزبة مدير عام في مجلس قيادة الثورة وأنا بأعتباري رئيسا للقسم الذي تولى عملية التواصل مع الجانب الأميركي , كان موضوع الأجتماع صياغة كتاب الى الرئاسة نلخص فيه عرضا أميركيا متعدد النقاط يقود الى الرفع التدريجي للحصار وتطبيع العلاقات بين العراق والولايات المتحدة الأميركية , وكان جهدنا ان تكون الصياغة بشكل يقنع الرئاسة بالعرض واستحصال الموافقة على الأستمرار والسعي فيه . وفعلا قمنا بكتابة الشروط بطريقة مخففة تحافظ على المعنى ولا تستفز القاريء , الا اننا توقفنا عند الشرط المحير المتعلق بالكيان الصهيوني وضرورة البدء بتطبيع العلاقة معه, وقد توصلنا الى كتابة هذه الفقرة بصياغة مخففة جدا وقلنا لنكتب بدلها عبارة : أيقاف حالة العداء المعلنة معه , الا اننا سرعان ماتراجعنا عنها لأنا وجدناها لاتفي بالغرض , ورغم كل أجتهاداتنا في كيفية كتابته الا اننا كنا ندرك ان ذكره كفيل بأفشال المبادرة وبالتالي ضياع جهود مبذولة طيلة فترة طويلة من المفاوضات السرية التي تكللت بحضور مقدم العرض الى بغداد , وهو شخصية أميركية غير رسمية الا أنها مرموقه ومؤثرة وفاعلة في كواليس الأدارة الأميركية وجماعات الضغط (اللوبيات) , لا أدري ماالذي حدا بي للقول مقترحا على المجتمعين (( خل أنثولها )) يعني لانذكر هذا الشرط , كان دافعي هو عدم خسارة جهودنا وكي لاتفشل المحاولة , ألا اني فوجئت بالضحك المتواصل من قبل الحضورعلى استخدامي هذه المفردة .
وفعلا لم تنجح هذه المبادرة بسبب فشل اللقاءات التمهيدية التي أجراها صاحبها مع كل من وزير الخارجية الأستاذ محمد سعيد الصحاف , حيث أسمعه كلاما وسبابا على العاملين في الأدارة الأميركية مستخدما كلمات محلية لم أسمعها مسبقا بحيث سماهم ( بالهتلية) التي حرت كيف أترجمها للضيف , وكذلك مدير شركة سومو السيد صدام الزبن الذي طرد الوسيط وأسمعني كلاما أتهمني فيه بأنني أعمل مع السي آي أي بمرافقتي لهذا الضيف . كان الضيف هو رئيس مجلس أدارة مجموعة شركات موبيل البترولية , وكانت زيارته وأن كانت بعلم ألأدارة الأميركية ألا انها سرية , وكانت خلاصة مقترحة الذي طرحه ووافقت عليه أدارة كلنتون بشكل غير رسمي أن تتولى مجموعته استلام وتسويق نفط مذكرة التفاهم وتقوم بأستيراد كافة حاجات الحكومة العراقية من غذاء ودواء وحاجات أخرى يمكنهم ان يمرروها بدون الألتزام النصي والحرفي بالقرارات الأممية , وكذلك البدء بحملة صحفية في الصحف ووسائل الأعلام الأميركية تدعو لأعادة النظر بالعلاقات بين البلدين والسعي لتطويرها وفعلا بدأنا نلمس قبل حضور الضيف ظهور هذه الدعوات في النيويورك تايمز وحتى الواشنطن بوست وغيرها من صحف الولايات , بحيث تأكدنا من أطلاع ألأدارة على هذا التحرك قبل قبولنا دعوة الضيف لزيارة بغداد لأستكمال الحوار حول المبادرة .
لا أريد ان أطيل فشلت المبادرة بعد ان أحالها الرئيس رحمه الله الى اللجنة الرباعية التي رفضتها بالكامل والتي كان المرحوم طارق عزيز أحد أعضائها أضافة الى كل من المرحوم عزت الدوري والمرحوم طه ياسين رمضان والمرحوم علي حسن المجيد , ويبدو ان الأستاذ طارق لم يستطع الدفاع عنها وفي تقديري اننا لو قبلنا أن ( نثول ) فقرة التطبيع مع الكيان الصهيوني لكانت الأمور قد سارت بأتجاه آخر. المهم كلمة ثول تستخدم بالعامية العراقية كفعل بمعنى تغافل .....وليس كما ترد في القاموس العربي بمعنى :
ثول : فعل. ثول ثولاً فهو أثول، وهي ثولاء والجمع : ثُول .
ثول : اضْطَرَبَ ثول : اسْتَحْكَم جُنُونُه
والأثول : مجنون أحمق بطيء الخير بطيء العمل بطيء الجر .