د. صلاح الصافي
طوفان الأقصى" عملية شنتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة على إسرائيل فجر يوم السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وشملت هجوماً برياً وبحرياً وجوياً وتسللاً للمقاومين إلى عدة مستوطنات في غلاف غزة، وهذه العملية أذلت الجيش الإسرائيلي وهزت الدولة الإسرائيلية ككل، وهذا مما جعل نتنياهو يجن جنونه وأن يستخدم كل ما يملك جيشه من أسلحة فتاكة تدميرية بحق كل من يتواجد على أرض غزة من أطفال ونساء وشيوخ وشجر وحجر لا فرق بين بيت ومستشفى وسيارة مدنية وأسعاف حتى أسراه لم يعر لهم أهمية متجاوزاً كل بنود القانون الدولي الإنساني وسد آذانه عن كل الأصوات الدولية من منظمات ودول المطالبة بوقف المجازر.
وكانت مواقف جميع الدول العربية لم تتجاوز التنديد والمطالبة الخجولة بوقف العدوان السافر، بل أن هناك بعض الدول من هذه المنظومة وقفت بجانب إسرائيل مثل البحرين وإن كانت بشكل غير مباشر من خلال انضمامها إلى التحالف الأمريكي في البحر الأحمر، والاستثناء الوحيد من هذه الدول هي دولة اليمن، فمذ 7 تشرين الأول أعلنت موقفها الصريح بالوقوف إلى جانب إخوانهم الفلسطينيين.
فقد نفُذ اليمن عدّة عمليات عسكرية، استدعت تفعيل منظومة الاعتراض الإسرائيلية جنوبيّ فلسطين المحتلّة. ليحاول كيان الاحتلال التعتيم عليها متكتماً عن الأضرار التي تسبّبت بها الصواريخ والمسيّرات اليمنية.
لم يكتفِ اليمن الذي التحم بمعركة "طوفان الأقصى"، حين وصف معهد "الأمن القومي" الإسرائيلي الهجوم الذي استهداف "إسرائيل" بـ "الأكثر أهمية" بمعادلة الردع هذه التي طالت الأراضي الفلسطينية المحتلة وعلى رأسها استهدافه لإيلات، بل كان اللافت ما أطلقه قائد أنصار الله، السيد عبد الملك الحوثي قبل أيام، بإدخاله معادلة البحر لردع الاحتلال وإجباره على إيقاف عدوانه على غزة.
وضعت القوات اليمنية كلّ السفن الإسرائيلية، تحديداً عند باب المندب (المنفذ البحري الأهم لإسرائيل) والبحر الأحمر، وما يحاذي المياه الإقليمية اليمنية، ضمن بنك الأهداف اليمنية.
وهذا ما حدث، ففي الرابع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر أعلنت اليمن بدء مرحلة جديدة من استهداف كيان الاحتلال، والمتمثلة باتخاذِ كافةِ الإجراءاتِ العمليةِ لتنفيذِ التوجيهاتِ الصادرةِ بشأنِ التعاملِ المناسبِ مع أي سفينةٍ إسرائيليةٍ في البحرِ الأحمر، حتى توقف الحرب على غزة، معلنة في الوقت ذاته تنفيذ عمليتين عسكريتين على أهداف حساسة في إيلات في الأراضي المحتلة لتعلن الحركة بعدها بأسبوع تقريباً أنها ستقوم باستهداف جميع أنواع السفن التي تحمل علم الكيان الصهيوني، التي تقوم بتشغيلها شركات إسرائيلية، والتي تعود ملكيتها لشركات إسرائيلية، داعيةً جميع دول العالم إلى سحب مواطنيها العاملين ضمن طواقم هذه السفن، تجنب الشحن على متن هذه السفن أو التعامل معها، إضافة إلى إبلاغ سفنهم بالابتعاد عن هذه السفن.
وهذا قد أوجع أمريكا والدول الداعمة لإسرائيل، مما أدى لقيامهم بشن هجوم على اليمن، حيث خرج الرئيس الأمريكي جو بايدن، وقال إن قوات أمريكية وبريطانية، وبدعم من البحرين وأستراليا وكندا ودول أخرى، نفذت بنجاح ضربات على أهداف للحوثيين، بينما أكد ريشي سوناك، رئيس الوزراء البريطاني، إنهم سيواصلون دورياتهم في البحر الأحمر لردع هجمات الحوثيين، في الوقت نفسه وجهت 3 ضربات استهدفت مطار صنعاء، وخرج بيان أمريكي بريطاني مشترك، يقول إن أساس الضربات التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا في اليمن اليوم الجمعة، هو الحق الأصيل في الدفاع عن النفس الفردي والجماعي.
ولم يتأثر الموقف اليمني، حيث أكد قادة اليمن أن ردهم سيكون مزلزل، وإن موقفهم من دعم الفلسطينيين لن يهتز، وإن الهجمات الأخيرة التي شنتها قواته على السفن في البحر الأحمر أظهرت أن لهم اليد العليا على الممر المائي الحيوي، وهو ما سبب قلقاً في كل من إسرائيل والولايات المتحدة.
والحوثيين يريدون أن يظل البلدان (منزعجين) حتى يضطروا إلى إنهاء الحرب في غزة، هذه هي اليمن تبقى الضوء الوحيد في ظلمة النفق العربي، وتبقى القلب النابض للعروبة، ونبقى خجلين من مواقف الدول العربية، وفخورون كل الفخر بموقف العز والشرف اليمني.