الوافد/ الزاوية الأخرى!

أربعاء, 03/20/2024 - 03:36

 

... 

مع الوقت تحكم موسى في أغلب الأنشطة الاقتصادية في القرية،

مستفيدا من عزوف شبابها عن أغلب الأنشطة الواعدة..

 وهكذا بدأ نفوذ "البناي موسى" يتنامى شيئا فشيئا!

كل سكان الحي مدينون له الآن، ولزوجته الكبرى عيشة، رئيسة تعاونية القرية!

منزله الفخم الذي شيد بجوار المطعم كان المكان الوحيد في القرية الملائم لاستقبال كبار الضيوف من السلطة والمسؤولين السياسيين الذين يزورون السكان بين الفينة والأخرى، لذلك لم يتردد الشيخ (سيد القرية) في الموافقة، عندما عرض عليه موسى استخدامه لذلك الغرض، رغم ما عرف عن"شيف جنرال" من ترفع ورفض شديد لكل ما يمكن أن يرمز إلى مشاركته في الزعامة!

زوجة الشيخ التي ورثت عن آبائها الأنفة وعززت ذلك بسنوات كثيرة من معاشرة ابن عمها سيد القرية بلا منازع، لم ترق لها الفكرة، وحاولت ثني زوجها لكنه استمر في الأمر!

الشيخ يعرف حجم موسى وسيطرته على جميع سكان القرية بالديون، بل وبالهبات أحيانا، لكن يعرف أيضا أنه غريب لاسند له في هذه البلاد!

_ مجرد إفريقي أتى في الأصل لتشييد المنازل، لكن الله فتح عليه أبواب الرزق فأصبح ثريا، غير أن عقدة الغربة تكفي لإبقائه تحت السيطرة!

هكذا رد الشيخ على زوجته بعد أن حذرته من استخدام منزل موسى لاستقبال الضيوف!

_فعلا، لازلت أتذكر وأنا صغيرة الخباء المخيف الذي كان يسكن فيه وحيدا غرب القرية!

لكن، أين هو الآن؟

لقد تمكن في ظرف وجيز من السيطرة على جميع الأنشطة في القرية: المطاعم، النزل، المخابز، ورش إصلاح السيارات، الزراعة، وأخيرا التجارة(كل المحلات المهمة في القرية ملكه).

النشاط الوحيد الذي يشاركه فيه أبناء القرية هو النقل وبتمويل منه غالبا!

الخطير؛ أن كل هذه الأنشطة تدار الآن، من طرف أبناء وأقرباء موسى الوافدين!

لقد استجلب مع الوقت الكثير من أهله باستخدام وسائل النقل المملوكة لأبناء القرية وبالتواطئ مع السكان دون علم السلطات!

لاتزال تذكر اليوم الذي رأت فيه، صغرى زوجات البناي، لأول مرة، وهي تخرج، رفقة ثلاثة شبان من تحت رزم الحشائش التي يستجلبها ابن عمها أحمد في سيارته من مزارع شمامه للمنمين في المنطقة!

حينها لم تعرف بعد أن بيع الحشائش التي اختار ابن عمها مهنة، لم تكن إلا حيلة من حيل التمويه التي يستخدمها باقي أبناء القرية لإدخال هؤلاء!

حي أهل موسى الآن من أكبر أحياء القرية، والأطفال المنحدرون منه يشكلون غالبية تلاميذ المدارس فيها!

...

اهتمام موسى بالشيخ وتفخيمه له أمام الجميع واستشارته له في كل الأمور، حتى الخاصة جدا، بددت كل المخاوف التي انتابته وهو يستمع لنصائح زوجته، خاصة أنه فسر الموقف السلبي لها من البناي، بردة الفعل على مايشاع، في القرية، من زواجه  المزعوم بابنة موسى البكر؛ لذلك لم يعر رفضها للفكرة، أي اهتمام!

...

ضاعف موسى من تقربه ل"شيف جنرال" وتقديم الخدمات له، ولكل سكان القرية المرتبطين به...

 وإخلاء المنزل ووضعه تحت تصرفه، وتوفير كل ماتحتاجه الضيافة اللائقة بكبار الزوار، كلما دعت الحاجة، والظهور مع ذلك كله مظهر الخادم المطيع أمام الجميع! 

الضيوف؛ بل وأغلب سكان القرية، خاصة الشباب لايساورهم أدنى شك في أن موسى مجرد عامل عند "شيف جنرال" يستثمر من خلاله الأموال التي تحصل عليها من خلال بيع الساكنة في المواسم الانتخابية، إخفاء للحقيقة، ونكاية بابن أخيه الخارج عن السيطرة!

.... 

حفظ الله بلادنا من كل مكروه وزادها رفعة وأمنا ونماء 

الديماني محمد يحي

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف