حسام عبد الحسين
اعتبار السياسة خاصة بمن يحكم البلد ويدير السلطة مفهوم اجتماعي خاطئ، تبثه قوى السلطة
لضرب معارضيها، لان السياسة تتدخل وتؤثر بكل تفاصيل الحياة الكبيرة والصغيرة للفرد
والمجتمع والأسرة والمؤسسة، لذا هي سلوك حياتي يومي.
تقسم النظرة السياسية للافراد إلى:
أولا: المبتعد عن السياسة ويراها نوع من الضجر أو الخطر: وقع هذا النوع بدوران سياسة
قوى السلطة ولا يرى من حلول سواها، وتألم من قصف إعلامها وجرائمها المنظمة ووعودها
الكاذبة وفشلها الدائم وفسادها وتسقيط مخالفيها، أو المبتعد نتيجة دخله الاقتصادي المحدود أو
عدم إدراكه أن السياسة كل الحياة.
ثانيا: الداخل فيها لأجل مكاسب شخصية: هذا يسمى “الطموح” أو “الشاطر” أو “السبع” وهذه
تسميات قوى السلطة لجذب الأفراد داخل أعمالها، لكنه في الحقيقة انتهازي دون مبدأ ولا شرف
إنساني لأنه سوف يساند أيا كان في قوى السلطة للوصول إلى مبتغاه طاعناً بحياة وحقوق
الناس بعلم أو دون علم.
ثالثا: الفرد الذي يهدف لحياة كريمة حرة للمجتمع وبالتالي؛ حياته حرة كريمة لان السعادة
الفردية تتحقق بسعادة الجميع: ليس شرطاً أن يكون داخل قوى السلطة الحاكمة، لأنه لا يعمل
داخل أنظمة سياسية لا تحترم الإنسان وحقوقه، ويبتعد حتى عن ابسط المناصب لأنه يرى أن
النظام الحاكم داخل في كل شيء ومستحكم، ولا وجود لفكرة التغيير الفردي أو الثقافي من
الداخل.
إن السياسة بسيطة تختصر بمفهوم (القدرة لخدمة الناس) ولا تعقيد “الفن الممكن” ومناهج
مطولة أنتجتها الرأسمالية واللبرالية الجديدة، فالفرد قادر أن يفهم أي نظام سياسي بالعالم وهو
في بيته بقاعدة واحدة هي (مقدار دخل الفرد وحريته وأمنه ومساواة البشر للحالة الطبقية) ومن
هنا يعرف نفسه في اي نوع من الأنظمة الحاكمة تحكمه ويعرف أين يضع نفسه، ويقدر حياة
المجتمعات الأخرى.
ومما تقدم نجد السياسة داخلة في حياتنا الفردية ومع أطفالنا وزوجاتنا وأهلنا وأصدقائنا وفي
رياض الأطفال والمدارس والجامعات والمقاهي والشوارع والأرصفة، وفي مشاعرنا
وعواطفنا، وحتى في طريقة المزاح. لأنها تدير الاقتصاد وتحكمه ومنه تنطلق لما تريد.
ولهذا نتدخل بالسياسة لأنها كل حياتنا، فهل يعقل أن يترك الفرد حياته!؟.