فقدان المناصب في زمن الذكاء الإصطناعي

اثنين, 12/02/2024 - 10:31

 

   بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية

أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فمن خلال الروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي يتم حل المشاكل المعقدة وجعل حياتنا اليومية أسهل وأكثر راحة، ومما لا شك فيه أنّ ذلك أحدث تحوّلًا جذريًا في القوى العاملة العالمية وله آثار اقتصادية وقانونية وتنظيمية بعيدة المدى على جميع أنواع الوظائف والصناعات، جالبًا معه فرصًا وتحديات جديدة، ومع تزايد اندماج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف الصناعات، يصبح من الضروري فهم تأثيرها على سوق العمل.
يذكر تقرير صادر عن بنك الاستثمار جولدمان ساكس؛ إن الذكاء الاصطناعي قد يحل محل ما يعادل 300 مليون وظيفة بدوام كامل، وبحسب مجلة فوربس أيضًا فإنّه وفقًا لتقرير صادر عن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة بوسطن، فإن الذكاء الاصطناعي سيحل محل ما يصل إلى مليوني عامل في مجال التصنيع بحلول عام 2025، وتشير دراسة أجراها معهد ماكينزي العالمي إلى أنه بحلول عام 2030، قد يحتاج ما لا يقل عن 14% من الموظفين على مستوى العالم إلى تغيير حياتهم المهنية بسبب التقدم في مجال الرقمنة والروبوتات والذكاء الاصطناعي.
من الوظائف التي بدأت تستخدم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير:
خدمة العملاء: غالبًا ما تكون استفسارات العملاء ومشاكلهم متكررة، لذا يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتوفير إجابات آلية للأسئلة الشائعة.
 الاستقبال: تستخدم أغلب الشركات في مختلف أنحاء العالم الآن الروبوتات في الاستقبال، لرؤية الضيوف والعملاء والاستماع إليهم وفهمهم والتحدث معهم، حتى المكالمات يتم إدارتها بواسطة الذكاء الاصطناعي.
المحاسبة: توفر خدمات المحاسبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي نظامًا محاسبيًا فعالًا ومرونة وأمانًا وأقل تكلفة، نظرًا لأنها متوفرة كخدمات قائمة على السحابة باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي، حيث يضمن الذكاء الاصطناعي جمع البيانات وتخزينها وتحليلها بشكل صحيح، لذلك تستخدم العديد من الشركات الآن الأتمتة والذكاء الاصطناعي في أنشطتها المحاسبية.
 مندوبي المبيعات: لقد قلّت حاجة الشركات التي تحتاج إلى مندوبي مبيعات للإعلان والبيع بالتجزئة، فقد تحول الإعلان إلى الويب ووسائل التواصل الاجتماعي، فتسمح خيارات التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي للمعلنين بإنشاء محتوى مخصص لأنواع مختلفة من الجماهير.
البحث والتحليل: إن مجالات تحليل البيانات والبحث فيها هي مجالات تطبّق تقنيات الذكاء الاصطناعي كطريقة لتبسيط العملية وتحديد البيانات الجديدة دون مساعدة بشرية، بحيث تقوم أجهزة الكمبيوتر الحديثة بفرز البيانات واستقرائها وتحليلها بكفاءة، ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، فقد لا تكون هناك دور للبشر في تحليل البيانات والبحث فيها.
 إدارة المخازن والمستودعات: تنمو صناعة المبيعات عبر الإنترنت بشكل مطرد، ونمت معها الحاجة إلى العمليات والأنظمة الآلية التي تنقل الطلبات بكفاءة إلى الشاحنات للتسليم، بحيث تسمح الأتمتة الأساسية في المستودعات بالوصول بسهولة إلى الأنظمة المحوسبة لتحديد موقع الطرود وتوجيه الموظفين، وقد يقوم الذكاء الاصطناعي في المستقبل حتى بالاسترجاع والتحميل الآلي لزيادة قدرات الشحن.
يؤثر تبني الذكاء الاصطناعي بشكل إيجابي على سوق العمل بعدة طرق، وأبرزها خلق طلب جديد وعالي على المهنيين ذوي المهارات ذات الصلة بالذكاء الاصطناعي؛ بما في ذلك محلّلي البيانات، وذوي درجات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ومهارات تكنولوجيا المعلومات، كي يشغلوا وظائف الذكاء الاصطناعي المهمة في مختلف القطاعات ويعيدوا تشكيل ديناميكيات القوى العاملة.
يتعين على القادة أصحاب الأعمال أن يفهموا تأثير الذكاء الاصطناعي على قوى العمل لديهم، وأن يتخذوا الخطوات اللازمة لإعدادها، بما في ذلك إعادة تدريب وتوظيف الأشخاص للمناصب الجديدة التي سيتطلبها الذكاء الاصطناعي، ورفع مهارات بعض العمال لأداء المهام الحالية باستخدام الذكاء الاصطناعي، فالتشغيل الآلي المدعوم بالذكاء الاصطناعي لا يشكّل أي تهديد للأشخاص أو الشركات أو الدول التي تمتلك الكفاءات اللازمة.
هناك العديد من الآراء والدراسات حول دخول الأتمتة إلى سوق العمل، والتي تتبع مسارين ثابتين؛ أولهما:
 ستؤدي ثورة الذكاء الاصطناعي إلى التخلّي عن بعض العمال الذين يؤدون مهام محددة، حيث تمكّنت الشركات التي تدمج الآلات الذكية في سير عملها من النمو بشكل كبير، لذلك قد تختفي بعض الوظائف من سوق العمل، والمسار الثاني يؤكد إنشاء وظائف جديدة مرتبطة بالتقنيات الجديدة بحيث ستحقق الشركات تأثيرًا أكبر في السوق .
يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل سوق العمل بطرق فعّالة، حيث يقدّم الفرص والتحديات ويزيد الكفاءة ويخلق أدوارًا وظيفية جديدة، ولكنه يفرض مخاطر عدة مثل الحاجة إلى تحول المهارات وإزاحة بعض الوظائف، لذلك فإنه من الضروري التكيف والاستعداد لمستقبل يتم فيه التعايش فيما بين الذكاء الاصطناعي والمهارات البشرية، مما يدفع النمو الاقتصادي والتوظيف المستدام.
لقد أحدثت التكنولوجيا ثورة في العديد من الوظائف التقليدية، حيث يتزايد عدد تطبيقات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في بيئات العمل في الوقت الحالي بشكل كبير، وبذلك لا يمكن القول بأنّ الذكاء الاصطناعي سيقضي على الوظائف، بل يتطلب تعزيز المهارات والقدرات الرقمية لدى الموظفين.
في السنوات القليلة المقبلة، سيتم إنشاء ملايين الوظائف الجديدة بسبب دخول الذكاء الاصطناعي إلى سوق العمل، ومن الوظائف الرقمية المتوقع تزايد الطلب عليها في المستقبل: تحليل البيانات، وتكنولوجيا البلوك تشين، وهندسة الحوسبة السحابية، وتخصصات الذكاء الاصطناعي جميعها، وغيرها الكثير.

 

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف