من سِفر عزيز العراق

أربعاء, 03/05/2025 - 05:17

لؤي الموسوي

عزيز العراق أخر انجال مرجع الطائفة، السيد محسن الحكيم "طاب ثراه" ولد في مدينة باب عِلم الرسول (عليه وآله أفضل الصلوات) النجف الاشرف، حيث مرقد إمام المتقين علي إِبن أبي طالب "عليه السلام" عام 1950 من القرن الماضي، من اسرة علوية، عُرفت بالعلم والتقى والجهاد والشهادة..
نشأ في كنف والده الإمام الحكيم "قدس سره"، فتغذى من مناهل المرجعية، وارتوى من مناهل النجف الاشرف، العِلم والتُقى والزهد والصمود والنضال..
التحق منذ نعمومة اظفاره بالحوزة العلمية، ليتغذى من علومها ومعارفها، فدرس المقدمات في مدرسة العلوم الاسلامية التي اسسها والده "قدس" وكانت باشراف اخيه شهيد المحراب "قدس" وبعد انهائه لمرحلة المقدمات انتقل لمرحلة السطوح، فتتلمذ على ايدي عدد من اساتذة الحوزة، كاخيه شهيد المحراب محمد باقر الحكيم واخيه الشهيد عبد الصاحب الحكيم، وكذلك على يد السيد محمود الهاشمي في الفقهة والاصول، لينتقل لمرحلة البحث الخارج فقهاً واصولاً، وليدرس عند الشهيد محمد باقر الصدر "قدس سره" وحضر ايضاً عند استاذ الفقهاء الامام الخوئي "قدس".

جهاده العسكري والسياسي
بعد صدور الفتوى الشهيرة للشهيد الصدر، بالتصدي للنظام البعثي من اجل ازالة الكابوس عن صدر العراق، ازداد نشاطه وكفاحه بعد هجرته من العراق، فأسس مع مجموعة من المجاهدين، والمتصدين لنظام صدام، حركة جهادية عِرفت بِأسم حركة المجاهدين العراقيين، وفي مطلع عقد الثمانينات من القرن الماضي في المهجر.
مارس العمل السياسي والتصدي العلني لنظام البعث، فكان من المؤسسين لحركة جماعة العلماء المجاهدين في العراق، ثم  عضوا في الهيئة الرئاسية في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق، الى ان اصبح رئيساً للمجلس الاعلى، بعد رحيل اخيه شهيد المحراب ، فكان العين الساهرة على العراق وشعبه، والصوت الذي صك مسامع سلطة البعث، بكشف زيفها وفضح الجرائم، التي ارتكبها طاغية العراق صدام، امام انظار العالم اجمع.
لم يشغله العمل السياسي والعسكري، بالرغم من كثرة مهامه ومسؤولياته الجِسام، ان يغفل عن العمل بحقوق الانسان، حيث شرع في العمل في هذا المجال، بعد ان لاحظ وجود فراغ كبير في هذا المجال، وادرك ان هذا الجانب يجب الاهتمام به، لما له من صدى واسع في كشف حجم الجرائم، التي ارتكبت بحق الشعب العراقي، ولكون الاعلام بداخل العراق مغيب عن العالم الخارجي، فبادر  بتأسيس "المركز الوثائقي لحقوق الانسان في العراق" وهو مركز يعني بتوثيق انتهاكات وجرائم حزب البعث، بحق الشعب العراقي في تلك الحقبة المظلمة، وقد تطور هذا المركز وتوسع حتى اصبح مصدراً رئيسياً، لمعلومات لجنة حقوق الانسان في الامم المتحدة.
عمل في مجال الاغاثة الانسانية، وتقديم الدعم والعون للعراقيين، في مخيمات اللاجئين في ايران، وعوائل الشهداء في الداخل ، وكانت هذه المساعدات تصل الى سرا ايام النظام الارهابي البائد.
مظلوميته فيها  وجوه من التشابه مع مظلومية جده الامام الحسن المُجتبى المسموم "عليه واله أفضل للصلوات" مثلما ظُلم من القربين والبعيدين له، ايضاً عزيز العراق لم تقتصر مظلوميته على جهة معينة فحسب، بل انه ظُلم  من المُحب والمخالف له، من الاول لعدم فهمه له، ومن الثاني فوجهت له الاتهامات الباطلة، والاكاذيب المفضوحة التي يستخدمها ويسوقها اعدائه لنيل منه، لا لشيء سوى لانه رجل ناجح في مشوار حياته، ولحمله لهموم وتطلعات شعبه المظلوم، فوجهت اليه سِهام الحسد والحقد معاً، وبالرغم من هذا وذاك ما استطاعوا النيل منه، فما كان لله ينمو.
ولِد عزيزاً ورحل ساكنا في قلوب محبيه ومريديه، لانه رجل لم يكن يعمل لنفسه، فجند روحه الطاهرة لربه اولاً، و للعراق وشعبه ثانياً، فصدق مع باريه ومع شعبه فخلدت ذِكراه في قلوب محبيه..
هنالك عروش تهوى وتذهب بمرور السنين، لان اصحابها ما اخلصوا لدبنهم ولا لشعوبهم، فينسون بمجرد رحيلهم، ولم يخلدهم التاريخ، ولم يذكروا الا واللعنات تلاحقهم، بينما عباده المخلصين الذين نذروا انفسهم لعقيدتهم ولشعوبهم، جعل ربهم عروشهم في قلوب الاحرار

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف