
نازنين الجاف
قضيت اول ليلة لي في هذا المكان الغريب الذي لم اكن انتمي اليه . لكن جماله وانعكاس ضوء القمر على أمواج البحر الهادئة والرمال التي كانت تتلألأ مثل الكواكب التي في السماء كانها من شدة الفرح ترقص مرحبة بي والسكون الذي كان قد خيم على الجزيرة جعلني أشعر بالطمأنينة والسعادة . بدأت أفكر واوجه الأسئلة الى نفسي . فقد كنت اعرف أنني في مفترق الطريق وعليّ ان اختار . اما ان افقد ألامل في آلحياة وانتظر الموت وحتى ذلك الحين سيكون هذا المكان هو الجحيم الحقيقي . أو ان اعيش على هذه الجزيرة كالملكة وكأني عروس البحر التي تحكم ذلك العالم المليء بالاسرار والجواهر والتي تخرج كل حين لتلامس خيوط الشمس الذهبية قطرات الماء الندية على جسدها المتعب من وحي الخرافات .
لابد ان اكتشف كل شبر منها فهذا الامر يساعدني على البقاء . علّي اجد ما يُمكنني استخدامه في قادم الايام . لابد ان احيا من اجل نفسي فكل شيء يبدأ من هنا . هذا المكان الذي اعتبرته نقطة البداية . كنت اجلس على الشاطئ وانا غارقة في الافكار التي تأخذني إلى عالم آخر . لكنني فجأة شعرت بجوع شديد فقررت ان ابحث عن اي شيء صالح للأكل وعندما كنت اتجول بين الاشجار وإذا بالكثير من التوت البري يملأ المكان فأكلت منه حتى شبعت . ثم وجدت اشجارا أخرى لبعض انواع الفواكه التي لم ارى مثلها من قبل . لكنني خفت ان اتناول منها شيء فتركتها ومضيت قدما انظر الى الأزهار الملونة الجميلة التي تنتشر هنا وهناك . واسمع اصوات الطيور المختلفة الأحجام التي تقف على ألاغصان وهي تغرّد بشتى الأنغام . ثم سمعت صوت ماء ينهمر بقوة كأنه شلال . كنت امشي اليه مشية الثمل المتلهف للاستكشاف واذا بالرذاذ المخلوط مع النسيم البارد وأوراق الأشجار المتراكمة حوله يداعب وجنتي . كنت أسير نحو الصوت وانا أشق طريقي مثل وميض البرق في الليلة الحالكة حتى وصلت . كانت المياه الصافية النقية تتدفق من الجبل العالي . شربت منه حتى ارتويت . الصخور وألاحجار الملونة الرائعة الجمال تملأ المكان .
وكان اول شيء خطر على بالي أن اجمع اكبر قدر ممكن من الأغصان اليابسة ثم وضعت حولها الاحجار وبدأت افكر بالطرق البدائية التي كنت اجيدها لاشعال النار . حاولت مراراً وتكرارا حتى نجحت . فقررت ان ادلل الملكة بعشاء من السمك المشوي الطازج . في هذا الموقع الذي يأخذ الالباب . أستطعت ان امسك ببعضها بيدي العاريتين ولم يكن الامر صعبا لكثرة عددهم . ثم بدأت بتنظيفها وقليّها على الأحجار لأخلق لنفسي جوا شاعريا . استخدمت اكبر حجر موجود كطاولة وأخر كرسيا مريحا جدا . كان شرابي عصير من جوز الهند الذي كان متراكما على الارض . كنت مستمتعة جداً بالعشاء فهذه أول مرة في حياتي أفكر بنفسي واعمل شيئا يسعدها . كنت اقضي الايام في محاولة للقيام بالأشياء الذي يختارها لي الآخرون . وكم ضاع من عمري لاجل أشخاص لا يستحقون . بعد ان أكملت عشائي وأذا بضوء القمر يطرق الباب على عالمي الجديد ومرةً أخرى بدأ النعاس يمازحني فجمعت الكثير من اوراق الموز وصنعت منها سريرا مريحا ومن جذعها وسادة وضعت رأسي عليها ونمت نوماً عميقا من شدة التعب . وانا احلم بالقادم الاجمل .
