
درباس إبراهيم
تدخل العقارب في البيات أو السبات الشتوي، فتحفر لنفسها جحرا صغيرا تحت الأرض، وتبقى بداخله لعدة أسابيع أو أشهر، ثم تظهر فجأة مع ارتفاع درجات الحرارة، متجولة في كل مكان، وقد تحمل في جعبتها سما قاتلا تلدغ به فريستها دون سابق إنذار. لكن من الواضح أن العقارب ليست وحدها من تختار التواري عن الأنظار ثم الظهور في التوقيت المناسب، فبين البشر من يحاكيها في هذا السلوك، ولكن بطريقته الخاصة، ولعل أبرزهم بعض المرشحين السياسيين العراقيين، الذين يختفون تماما بعد فوزهم في الانتخابات، ويدخلون في سبات أطول من سبات العقارب نفسها، لا يرى لهم أثر ولا يسمع لهم صوت، حتى يقترب موسم الانتخابات من جديد.
حينها، يظهرون فجأة، وينتشرون في كل الأزقة والمجالس، ويحرصون على حضور المناسبات الدينية، والرياضية، والاجتماعية، بل وحتى الجنائز، لا لشيء سوى لكسب الأصوات واستدرار العواطف، وهم لا يحملون في حقيبتهم السياسية مشروعا وطنيا حقيقيا!!
ثم بعد أن يحصدوا ثمار تلك الأصوات، يعودون إلى جحورهم بهدوء تام، وكأن شيئا لم يكن، حتى يحين موسم الانتخابات التالية، وتعاد المسرحية ذاتها، فصولا وشخصيات، وسما جديدا، لكن الفرق الوحيد هو أن العقارب لا تدعي الطهارة والفضيلة، ولا تعد بتحسين الأحوال قبل أن تلدغ، كما يفعل بعض المرشحين الانتهازيين.
