إنَّ ما جرى ويجري على العراق والعراقيين طيلة السنوات الماضية وإلى الآن من أحداث تجعل الولدان شيبا تدفعنا إلى أن نقف ونراجع أمورنا ونتساءل ؛ عسى أن نجد المراد والعلة التي توقف سيل دماء الأبرياء !, وما حدث في الناصريَّة خير دليل وشاهد على هشاشة الوضع ،وتدخل الدول الكبرى في شؤونه متخذين من قادته الدينيين والسياسيين وسيلة لتمرير مشاريعهم الهدَّامة .
والملفت للنظر أنَّ أحداث الناصريَّة أخذت مأخذها في الشارع العراقيّ من جنوبه إلى شماله والكل يحلل هذا يرمي السبب على الدواعش والإرهاب , وغيره يرميه على المالكي وأزلامه , وآخر يرميه على المجلس الأعلى , وذلك يرميه على الكرد ، وغيره حللها على أنَّا رسالة موجهة إلى العبادي من خصومه ، ومن له قدم في الناصرية خوفا منه أن يسحب البساط من تحتهم , وهنا نقول: إنَّ كل هذا التحليلات واردة ومتوقعة من شلة مجرمة حكمت العراق لسنوات منهجها إحداث الفوضى ؛ لتعتاش على دماء الأبرياء ولا نستبعد منهم هذا وبالخصوص قرب الانتخابات والتسقيط السياسيّ على قدم وساق .
ولكن السؤال الذي يجب أن يطرح هنا هو: من السبب والمسبب الأكبر في الأحداث جميعها منذ دخول الاحتلال وتسلط ساسة الفساد وفرض دستورهم على الشعب بالتغرير ؟. علينا أن نكون جريئين أن نجعل يد الاتهام تشير إلى المسبب الأول بكل شجاعة وتجرد من العاطفة والهوى والمذهبيَّة والمحسوبيَّة ؛لأنَّ دماء الأبرياء تضج إلى رب السماء تدعوا على من ظلمها وتسبب في زهقها بدون سبب يذكر سوى أنّهم أطاعوا مراجعهم وساداتهم الذين وجهوهم إلى انتخاب الفاسدين الخونة .
ولعلنا هنا - وبكل شجاعة - نشير على المسبب في هذا المقام ، ألا وهم الذين أفتوا لنا بانتخاب الفاسدين وحرَّموا الزوجات على الرجال ؛ جريرة عدم الانتخاب لهؤلاء ؛ وبسببهم تجبَّر الساسة الفاسدون لسنوات وصاروا عنوان الفساد في العراق، بل العالم أجمعه يشير إلى فسادهم على أنَّ المرجعية مباركة لهم وغاضة الطرف عن فسادهم الشائع ، وإذا اشتدت عليها المناشدات من قبل الشعب ، تدغدغ مشاعرهم بتصريحات خالية عن الصرامة والعزم ،وإذا سكت الشعب تسكت وترجع إلى سباتها . والسبب الثاني هو الدستور المفخخ مبهم الفقرات التي كتبها وأشرف عليها وكلاء المرجعية بالنجف أمثال (أحمد الصافي , وهمام حمودي وغيرهم من الستة التي اعتمدتهم المرجعية في كتابة الدستور )، واستنهضت الشعب وجعلت التصويت على الدستور أوجب من الصوم والصلاة , وبسببه اليوم الكرد يريدون استقلالا، وغيرهم يريد إقليما ،وآخر يريد محافظة مستقلة ،وغيرهم جعل الدستور حماية له وحصانة .
وختاما نقول على مرجعية النجف تصحيح ما أخطأت به تجاه الشعب ،فكفى سباتا ونوما ؛لأنّ الناس بدأت تعرف وتميز السبب ومن هو المسبب ، فلا ينفعكم تجاهل الأصوات ضدكم، لأنها في يوم من الأيام ستصرخ مثلما صرخت في التظاهرات (قشمرتنه المرجعية وانتخبنه السرسرية ) ،و(باسم الدين باكونه الحرامية ) ،كفى نوما يا مرجعيتنا الرشيدة مثل فتواكم على داعش افتوا على السياسيين اليوم وخلصوا الشعب وكفروا عن أخطائكم قبل فوات الأوان ويوم لا ينفع مال ولا بنون إلَّا من أتى الله بقلب سليم .
كاظم / البغدادي