تنذر مساعي الإمارات لتعزيز نفوذها في اليمن، باشعال فتيل الخلافات مع السعودية، خصوصا في ظل استمرار دورها في الهيمنة على جنوب اليمن والبحر الأحمر. وتخشى السعودية التي تفتقر إلى التواجد البري في أي مكان في اليمن، من أن الإمارات قد تقوض نفوذها في اليمن التي تعد تقليديا الحديقة الخلفية للمملكة.
وكشف مركز كارينجي للسلام الدولي في تقرير حديث له، أن الإماراتيين ينصحون السعوديين بالرجوع إلى الرئيس المخلوع صالح، معتقدين أنه من الممكن تشجيع خلافه المتنامي مع الحوثيين، بالإضافة لحلفائه التكتيكيين ليصبحوا خرقا دائما. وقال “في أحيان كثيرة فقد خلقت تلك الاختلافات التنافس وحتى الصراع على النفوذ.. ففي فبراير حصلت مواجهة بين الإماراتيين وحلفائهم اليمنيين، ومقاتلين موالين للرئيس هادي بهدف السيطرة على مطار عدن، وهو ما منع خطة الإمارات للتحرك شمالا باتجاه تعز”.
وتوقع استمرار خطر حدوث هكذا مواجهات لان الإمارات استطاعت تأمين سيطرتها على مطار عدن في نهاية المطاف ومن المحتمل ان تركز على تعزيز قواعدها العسكرية المتواجدة جنوبا. وأشار التقرير الى “أن رغبة الإمارات في مواجهة إيران وفي تعزيز نفوذها في الشؤون المحلية للسعودية هو ما يبقيها في اليمن حيث لا تتفق مصالحها دائما مع المصالح السعودية”.
ولفت الى خشية السعوديين الذين يفتقرون إلى التواجد البري في اي مكان في اليمن، من ان الإمارات قد تسعى للحصول على موطئ قدم إستراتيجية لها مما يقوض النفوذ السعودي في اليمن التي تعد تقليديا الحديقة الخلفية للمملكة.
وأكد أن ما يعزز تلك المخاوف هو التأييد الإماراتي للرئيس المخلوع صالح، إضافة الى الدور الإماراتي التوسعي التدريجي في تأمين البحر الأحمر. وأضاف التقرير ” إلا أن السعوديين،الذين يأخذون بعين الاعتبار تحفظهم بشأن دخول اليمن بريا، بالإضافة إلى النفوذ الإماراتي العسكري السياسي والمالي في الجنوب، يخشون من ان تكون أراضي شمال اليمن الإستراتيجية خاضعة لسلطة إماراتية فعلية”.
اطفال ضحايا غارات التحالف في اليمن
الى ذلك، اغتال مسلحون مجهولون، امس، قياديا سلفيا وإماما لاحد المساجد في مدينة عدن، جنوب اليمن، بعد اسبوع على اغتيال إمام وخطيب جامع الرحمة في ذات المدينة الشيخ فهد اليونسي، وسط اتهامات للإمارات والقوات الموالية لها بالتورط والوقوف وراء هذه العمليات. وقالت مصادر محلية إن القيادي السلفي، عادل الشهري، اغتيل أثناء خروجه لأداء صلاة الفجر في مسجد سعد بن أبي وقاص، الذي يتولى الامامة فيه. ويعد الشهري من القيادات السلفية المقربة من القيادي السلفي فهد اليونسي، الذي اغتيل قبل أسبوع.
ورصدت مصادر حقوقية، اغتيال اكثر من 18 رجل دين وقياديا سلفيا في عدن خلال عام ونصف العام، حيث تشير كثير من الدلائل، وفق مراقبين محليين، الى وقوف الامارات والمليشيات الموالية لها المسيطرة على المدينة وراء ذلك، في اطار التمهيد للتشطير وإزاحة القيادات السلفية الموالية للسعودية والتي ترى فيها خطرا على مشروعها.
من جهة أخرى، تظاهر عشرات اليمنيين في ساحة الحرية بمدينة تعز جنوبي اليمن، للتعبير عن رفضهم المساعي الرامية إلى تشكيل ما يسمى بقوات الحزام الأمني، أو أي قوة عسكرية خارج إطار الدستور والقانون والشرعية.
ورفع المتظاهرون شعارات تؤكد أن تعز لن تقبل بانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها قوى أو مليشيات خارج إطار الشرعية في بعض المحافظات التي استعادت القوات الأمنية السيطرة عليها.
و”الحزام الأمني” هي قوة أمنية وعسكرية تنشط في جنوب اليمن تأسست عام 2016، تضم في صفوفها جمعا متنوعا من الضباط والعسكريين اليمنيين ونشطاء الحراك الجنوبي وبعض المحسوبين على “التيار السلفي”، وتعرف بولائها لدولة الإمارات وخدمة أجندتها في اليمن.
في غضون ذلك، انتهى الأسبوع الأول لبدء أكثر من 100 معتقل في سجن بير أحمد غربي عاصمة اليمن المؤقتة عدن، إضراباً عن الطعام، حتى إجبار القوات الإماراتية واليمنية التابعة لها على توجيه تهم ونقلهم إلى النيابة العامة.
وخلال الأسبوع الأول اقتحمت قوة إماراتية السجن ثلاث مرات واستخدمت الترهيب والترغيب لإجبار المعتقلين على فك الإضراب، وفي المرات الثلاث تحدث قائد المجموعة الإماراتية يرتدي قناعاً، بتهديد المعتقلين بنقلهم إلى سجن جديد أشد انتهاكاً لحقوقهم، كما توعد المعتقلين أنفسهم باستهداف عائلاتهم إنَّ لم يتوقفوا عن الإضراب، ثمَّ قال إنهم سيقدمون لهم وجبات غذاء تناسب كل معتقل.
وفي المرات الثلاث رفض المضربون عن الطعام في باحة السجن ما قاله الضابط الإماراتي الذي يرتدي قناعا ويعرف نفسه بـ(هتلر)، بحسب مصادر في السجن. وتضيف المصادر، أن الضابط الاماراتي الذي بات يعرف بين المعتقلين بـ”هتلر” عاتبهم قائلاً “مشكلتكم مع ربعكم اللي قاعدين مخزنين في الفنادق وما فعلوا النيابات واللوم كله علينا.. إحنا مالنا شغل فيكم، ربعكم المخزنين في الفنادق هم المسؤولون عن الافراج عنكم أو إحالتكم للنيابة والمحكمة”.
لكن الضابط الإماراتي، عاد ليكشف عن مسؤولية بلاده عن السجون والمعتقلين فيها، إذ بدأ بمخاطبة السجناء لإنهاء الإضراب عن الطعام، وأنهم سيبذلون جهودهم لاقناع المسؤولين لنقلهم إلى سجن جديد وتحسين الوجبات. المعتقلون أكدوا أن إضرابهم ليس بسبب الوجبات سواء كانت سيئة أو جيدة، وأنه بسبب اعتقالهم بدون سبب، ولعدم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
وبحسب المصادر فإن المعتقلين رفضوا التعاطي مع العروض التي قدمها الضابط الإماراتي المشرف على السجون، وأكدوا عزمهم الاستمرار في الاضراب حتى يتم الافراج عنهم أو إحالتهم للنيابة. وأكدت المصادر، بحسب مواقع اخبارية يمنية، أن هتلر أشرف على تعذيب بعض المعتقلين في سجن التحالف، فيما كان آخرون يتعرضون لتعذيب أشد في سجون شلال شايع (مدير أمن عدن الموالي لابوظبي) أو أخرى لأتباع هاني بن بريك (قائد الحزام الأمني الاماراتي)، كسجن أبو اليمامة حين يتم ابلاغهم بأن هتلر سيزور تلك المعتقلات السرية. الى ذلك، تدهورت الحالة الصحية لنحو 32 معتقلاً من المضربين عن الطعام، ودخلوا في حالات إغماء، غير أن أربعة منهم على الأقل في وضع حرج.
ويحتج المعتقلون الذين يقدر عددهم بـ 140 شخصاً، على استمرار احتجازهم من قبل الجهات الأمنية الخاضعة للإمارات لفترات طويلة بعضها تزيد على عام ونصف العام دون توجيه تهم أو اتخاذ أية إجراءات قانونية.