أرادة أن يتحدى بها الجميع , فوضعها في مكانٍ عامْ , وكتبَ عليها
(( من رأى خللاً , ولو بسيطاً , فـليضع إشارةٌ حمراء فوقهُ ))
عادَ في المساء , ليجدها مغطاةً بإشاراتٍ حمراء ! تدلُ على خللٍ هُنا وهُنا , لدرجة إنَّ اللوحةَ ألأصلية طُمست تماماً ...
ذهبَ إلى مُعلمهِ وقرر ترك الرسم لشدةِ سوءه , فأخبرهُ المعلمَ إنهُ سيُغيّر العبارة فقط , ورسمْ ذات اللوحة ووضعها بذات المكان , ولكنهُ وضعَ ألواناً وريشةً وكتبَ عليها .
(( من رأى خللاً فليمسك الريشة والقلم ويصلحْ ))
فلم يقترب أحد من اللوحة حتى المساء , وتركها أياماً ولم يقتربْ منها احد .
فقال لهُ المعلم : كثيرون الذينَ يروّن الخلل في كل شيء , ولكن المصلحون نادرون .
للأمثال فوائد وثمرات , يجنيها متدبرها والمتمعن في دلالاتها للوعظ والتذكير, )وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) .
فالناسُ تحب الصالحين , لكنها تعادي المصلحين , فالمصلح دائما وابدآ ماكان يصطدم بصخرة أهواء العابثين والمغرر بهم لا لشيء إلا لإنتشالهم من واقعهم المرير .
فالنفوس الكبيرة جذوتها متقدة لا تعرف للسكينة معنى إلا الحركة والاستمرار , فجسم علي لا يستطيع التكييف إلا مع روح علي , ولهذا يقول إمام المتقين للمتقين (( أنفسهم منهم في تعب , والناس منهم في راحة ))
ويستشهد المتنبي قائلا:
وإذا كانت الــنُّفوس كباراً .. تعبت في مرادها الأجسام
فكبر الروح , يقاس ويُعرف مقابل صغر الأرواح الأخرى وحقارتها , عندما تحاول اختزال الآخر في الكم وتصادر العقول في القياس , ومن راجع وقلب صفحات التأريخ يجد الغنى والزاد العلمي والأثر, فهذا ( عباس محمود العقاد) يوضح اختلاف التربيتين بين الخُلق الهاشمي والخُلق الأموي , في كتابه ( أبو الشهداء) يقول [ كان بنو هاشم يعملون في الرئاسة الدينية؛ وبنو عبد شمس في التجارة والرئاسة السياسية وهم يتعاطون في الجاهلية الربا والغبن والتزييف فلا عجب ان يختلف هذا الاختلاف بين أخلاق الصراحة وأخلاق المساومة ... ثم ازدادت الأخلاق الهاشمية رفعة وسمو بعد نبوة محمد حتى صار آل علي نموذجا ومثالا أعلى للخلق الرفيع , وقد ظهر في بني هاشم صفات المقاومة والصمود والصبر والمثابرة ؛ بينما شاعت بين نقيضهم (بنو أمية) صفات الحيلة والخداع والنفاق ]
وليس ببعيد فهذا ابن تيمية الحراني مرآة عاكسة لواقع آل أمية في التكفير والتطرف الداعشي للمسلمين بمجرد انك تختلف معه بالرأي, أنظر كتاب
(شرح العقيدة الواسطية، ص685) لمحمد بن صالح العثيمين وكيف يكفر الاشعرية وهم مسلموا جامعة الأزهر الشريف في مصر ,يقول فيه : (فإذا سُألنا: من هم أهل السنة والجماعة. فنقول: هم المتمسكون بالإسلام المحض الخالص عن الشوب، وهذا التعريف من شيخ الإسلام ابن تيمية يقتضي أن الأشاعرة والماتردية ونحوهم ليسوا من أهل السنة والجماعة )
بينما نجد في معسكر ومدرسة آهل البيت النبل الروحي يسمو بأعلى مراتبه ومن الصعب لمسهُ , يقول احد السادة المراجع المصلحين حينما يخاطب الآهل والأحبة المسلمين السنة [أبناءنا أعزاءنا أهلنا السنة والشيعة لو تنازلنا عن كل ما ذكرناه أعلاه ..ولو سلمنا بحقيقة ما موجود في كتبكم السنية تجاه الشيعة … وكذا العكس أي لو سلمنا بحقيقة ما موجود في كتب الشيعة تجاه السنة …
فما هو الحل حسب رأيكم نبقى نتصارع ونتقاتل ونكفر بعضنا بعضا وتسفك الدماء وتنتهك الأعراض وتسلب الأموال ويبقى يتفرج علينا الأعداء بل يزداد الأعداء بنا فتكاً وانتهاكاً وسلبا وغصبا …
إذن، ما هو دور العلماء والمجتهدين من الطرفين فهل يرضون بهذا التناحر والشقاق وسفك الدماء المتأصل لقرون عديدة والذي زاد ويزيد فيه أعداء الإسلام …إذن ، ليعمل المجتهد باجتهاده لمليء الفراغ وحل المتزاحمات وتقديم الأهم على المهمات وليراعي ويلاحظ العالم المجتهد المصالح والمفاسد ويعمل بالاستحسان أو أي دليل يعتقده … فالمهم والمهم والاهم الدماء والأعراض والأموال.
وفي الختام أقول :: الذي نعتقده ونتيقنه ان كلامنا ومعتقدنا أعلاه يمثل الخط العام والسواد الأعظم من المسلمين الشيعة والسنة ……… وها نحن وبأمر الله والقران والإسلام والإنسانية والأخلاق .. ونيابة عن كل الشيعة والسنة ممن يوافق على ما قلناه … نمد إليكم يد الإخاء والمحبة والسلام والوئام يد الرحمة والعطاء يد الصدق والأخلاق الإسلامية الرسالية الإنسانية السمحاء …. فهل ترضون بهذه اليد او تقطعونها … والله والله والله حتى لو قطعتموها سنمد لكم الأخرى والأخرى والأخرى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]
الكاتب
أبا ذر احمد الباحث