قال الكاتب في صحيفة "واشنطن بوست"، ديفيد إغناتيوس، إن على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان آل سعود، أن يباشر بحل المشاكل التي تحيط به بدلاً من افتعال أزمة جديدة مع إيران.
وأوضح الكاتب في مقاله أن من المهم تقييم ما بدأه بن سلمان من ناحية التغيير في السياسة السعودية قائلاً: "لقد كنت في العاصمة الرياض قبل ثلاثة أسابيع، يمكن ملاحظة التغييرات التي طرأت على الحياة الاجتماعية، فهناك العديد من الصالات الرياضية، وبدأت فرق رياضية نسائية بالتشكل، والمرأة تستعد لقيادة السيارة في يونيو المقبل، والعديد من الأحداث الثقافية التي تنظم هناك".
وفي مقابلته مع برنامج "60 دقيقة"، الأحد الماضي، قال بن سلمان: "نحن جميعاً بشر، ولا يوجد فرق"، وعلق الكاتب: "هذا الكلام مهم في بلد عوملت فيه النساء كبشر من الدرجة الثانية".
أما الإصلاحات الاقتصادية فهي ما زالت في مرحلة التخطيط، ومن المحتمل تأجيل خصخصة شركة أرامكو حتى العام المقبل، وليس من الواضح حتى الساعة مقدار مبالغ الأسهم التي ستطرحها الشركة النفطية للبيع، في حين تبدو الحملة المناهضة للفساد، التي بدأت في نوفمبر الماضي واعتقل فيها المئات من كبار الأثرياء والوزراء والأمراء، غير واضحة المعالم، ولا يُعلَم إن كانت قد ساعدت على إنفاد القانون أو أنها أضرت به.
إن أكبر تحدٍّ أمام محمد بن سلمان هو الحرب المدمرة في اليمن التي شنها قبل ثلاثة أعوام على أمل ضرب جماعة الحوثي المدعومة من إيران بعد أن شنت تلك الجماعة انقلاباً على الحكومة اليمنية، وعلى الرغم من مضي هذه السنوات، ما زال الحوثيون غير راغبين بأي تسوية مع السعودية.
وينقل الكاتب عن مسؤول سعودي كبير قوله، إن ظروف إجراء تسوية سياسية في اليمن تحسنت، وإن هناك إمكانية إجراء تسوية على غرار ما جرى في الكويت قبل 20 شهراً، ولكن السعودية لديها مطلب جوهري؛ وهو أن يتخلى الحوثيون عن الأسلحة الثقيلة قبل الاتفاق على تشكيل حكومة انتقالية، فالسعودية تخشى من تكرار سيناريو لبنان، حيث احتفظ حزب الله بأسلحته بعد انتهاء الحرب الأهلية وأصبح دولة داخل الدولة.
واحدة من بوادر التغيير في السياسة السعودية هي انفتاحها على العراق الذي عانى خلال الفترة الماضية من شبه انقطاع، فقد التقى بن سلمان في السعودية بحيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، أعقب ذلك زيارة لوفد أمني عراقي إلى الرياض، وتبادلت الدولتان الزيارات، كما أنشئت لجنة للتنسيق المشترك بين البلدين، وشهدت البصرة مباراة لكرة القدم بين البلدين، ومن المقرر أيضاً أن تشهد البصرة مؤتمراً عالمياً للنفط والغاز في ديسمبر المقبل، وهو ما سيتيح فرصة للبلدين للتعاون بشكل أكبر.
ويحاول محمد بن سلمان سد الفجوة الدينية التي تعمقت بين العراق والسعودية، على خلفية الانقسام الطائفي السني الشيعي، فهو يعتبر أن ذلك سيؤدي إلى تقليص النفوذ الإيراني في العراق.
إن ولي العهد السعودي زعيم أوتوقراطي، شاب في عجلة من أمره، وهو يريد أن يحارب على كل الجبهات، ولكن عليه أن يحل المشاكل العالقة في اليمن والعراق بدلاً من فتح معركة جديدة مع إيران، وسيكون من الجيد أن يلتقي بن سلمان بأشخاص آخرين خارج دائرة الرئيس دونالد ترامب.